الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص520
وبين أن يستعين فيه بغيره ، لحصول العمل في الحالين لموكله وهذا خطأ من وجهين :
أحدهما : أن فعل الوكيل مقتصر على ما تضمنه الإذن من غير مجاوزة في التوكيل .
والثاني : أن الموكل يسكن في عمله إلى أمانة وكيله فلم يجز أن يوكل من لم يسكن الموكل إلى أمانته كالوديعة التي لا يجوز للموكل أن يودعها عند غيره لأن المالك لم يرض إلا بأمانته .
فأما استدلاله بأن هذا أقامه مقام نفسه فلعمري أنه كذلك في فعل ما وكل فيه ، لا في غيره . ألا ترى أنه لا يجوز أن يهب ولا يبرئ ، وإن كان للموكل أن يهب ويبرئ ، لأنه لم يأذن له فيه فكذلك في التوكيل .
وأما الجواب عن قولهم بأن الغرض حصول العمل فهو كذلك ، لكن قد خصه وارتضى أمانته كمن استأجر أجيرا بعينه لعمل لم يكن له أن يستأجر غيره في عمله لأن قصد المستأجر إنما هو حصول العمل من جهة الأجير وفعله لا يفعل غيره كذلك ههنا .
وهل يجوز أن يستخلف فيما يقدر على النظر فيه أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : لا يجوز لتمكنه وقدرته .
والثاني : يجوز اعتبارا بباقي عمله ، والله أعلم .
قال الماوردي : اعلم أن ما يدعيه الوكيل على موكله ينقسم ثلاثة أقسام : قسم يقبل فيه قول الوكيل ، وقسم لا يقبل فيه قوله ، وقسم اختلف قوله في قبول قوله فيه .
فأما القسم الأول وهو ما يقبل فيه قول الوكيل على الموكل فهو في رد ما ائتمنه عليه . وجملة الأيدي التي لا يتعلق بها ضمان أنها على ثلاثة أقسام :
أحدها : ما يقبل فيه قول صاحبها في رد ما معه وهو من ائتمنه المالك على ماله في حق نفسه من غير نفع يعود في أمانته كالمودع فقوله في رد ما بيده من الوديعة على ربها مقبول ، لأنه لما أقامه فيها مقام نفسه وجب أن يكون قوله مقبولا كقوله على نفسه .