الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص517
أحدهما : أن ينهاه في الوكالة عن استيفاء الحد والقصاص بعد إثباته فلا خلاف أنه لا يجوز له بعد ثبوته أن يستوفيه .
والحال الثانية : أن يطلق ذكر الإثبات ولا يذكر الاستيفاء بالنهي عنه ولا بالأمر به فمذهب الشافعي وأبي حنيفة وجمهور الفقهاء أنه لا يجوز للوكيل أن يستوفيه .
وقال ابن أبي ليلى : يجوز له استيفاءه ما لم ينه عنه ، استدلالا بأنه مقتضى الإثبات ، فجاز فعله مع إطلاق الوكالة كالموكل في بيع يجوز للوكيل فيه أن يقبض ثمنه بإطلاق الإذن . وهذا خطأ لأن إثبات القصاص لا يقتضي تفويته إلا بالاستيفاء كوصي اليتيم وأب الطفل . ولأنه لو كان استيفاء القصاص من موجبات إثباته لكان من شروط وكالته فلما جاز له تركه دل على أنه ليس له فعله . فأما البيع فالقبض من موجباته ولوازمه ، وخالف حال الاستيفاء للقصاص مع ما في القصاص من فوات الاستدراك .
أحدهما : أنه لا يجوز احتياطا للدماء في فوات استدراكها إن حدث من الموكل عفو عنها وأنه إن حضر كان أرق قلبا في العفو عنها .
والقول الثاني : وهو أصحهما أن ذلك جائز لأن ما صح فيه التوكيل مع حضور الموكل صح فيه التوكيل مع غيبة الموكل قياسا على تثبيت القصاص ، ولأن ما صح التوكيل في إثباته صح التوكيل في استيفائه كالأموال .
وقال آخرون منهم أبو إسحاق المروزي : إن التوكيل في استيفائه يجوز قولا واحدا على ما ذكرنا وحمل ما اقتضاه ظاهر كلامه هاهنا على المنع إذا كان التوكيل في إثباته وحده .
وقال آخرون بل لا يجوز قولا واحدا وحملوا كلام الشافعي في الجنايات على جوازه مع حضور موكله . وإن معنى قوله فتنحا به عن قرب موكله إلى حيث يستوفي له على بعد منه ، وهو شاهده ، فيمكن بالمشاهدة والحضور استدراك عفوه والله أعلم .