الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص515
وهكذا ليس للوكيل أن يصالح على ما وكل في المطالبة به لأن الصلح إما أن يكون بيعا ولا يجوز بيعه إلا بإذن موكله أو يكون إبراء فلا يصح ولم يلزم إقرار الوكيل لأنه لا يملك .
أحدهما : وهو قول أبي العباس بن سريج : إنه لا يصح التوكيل فيه ولا يجوز إقرار الوكيل به لأن الآمر بالإقرار لا يكون من الأمر إقرارا كما لم يجعل قول النبي ( ص ) لعمر مرة فليراجعها أمرا من النبي ( ص ) وجعله أمرا من عمر ولا يكون المأمور إلا خبرا فلم يلزم إلا بشهادة آخر معه إذا كانا عدلين .
والوجه الثاني : أنه تصح الوكالة فيه ويلزم الإقرار به لأن الإقرار إخبار بإسقاط الحق . فلما صحت الوكالة بإسقاط الحق بالإبراء . كان جوازها في الأخبار بسقوطه أولى . ولأن فعل الوكيل مقصور على إذن موكله فلما صح توكيله في الإنكار لأجل إذنه صح في الإقرار لأجل إذنه .
فعلى هذا هل يلزم الإقرار بمجرد الوكالة فيه أم بإقرار الوكيل به ؟ على وجهين :
أحدهما : يصير الإقرار لازما بأمر الموكل به سواء أقر به الموكل أم لا لأن الإقرار إخبار وأمره يتضمن الإخبار فعلى هذا يجوز للوكيل أن يشهد على موكله بما وكله في الإقرار به .
والوجه الثاني : أنه لا يصير إقرارا لازما إلا بإقرار الوكيل بعد أمر الموكل ؛ لأن مجرد الأمر بالإقرار لا يكون إقرار حتى يتعقبه الإقرار فعلى هذا لا يجوز للوكيل أن يشهد على الموكل فيما وكله بالإقرار له .