الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص514
لزوم إقراره لموكله ، بقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه حين وكل أخاه عقيلا : وهذا عقيل ما قضي عليه فعلي وما له فلي . فجعل القضاء على الوكيل قضاء على الموكل ، وإقرار الوكيل يوجب القضاء عليه فكذلك على موكله . ولأن في التوكل بالمخاصمة إذنا بها وبما تضمنها ، وقد يتضمن الإقرار تارة والإنكار تارة فصار الإقرار من متضمن إذنه فلزمه . ولأن الوكيل قائم مقام موكله في الجواب والجواب قد يكون تارة إقرارا وتارة إنكارا فلما قام إنكاره مقام إنكار موكله وجب أن يقوم إقراره مقام إقرار موكله ، وتحريره أنه أحد جوابي الدعوى فجاز أن يقوم فيه مقام موكله كالإنكار ولأنه ممن يملك القبض فوجب أن يملك الإقرار بالقبض كالموكل . ودليلنا هو أن كل من ندب لاستيفاء الحق لم يكن له إسقاط الحق كالوصي . ولأن كل ما لم يملكه الوكيل من إسقاط الحق في غير مجلس الحكم لم يلزمه في مجلس الحكم كالإبراء طردا والقبض عكسا ولأن ما لم يصح من الوكيل الإبراء منه لم يصح منه الإقرار به كالجناية ولأن كل من يصح إقراره مع النهي لم يصح إقراره مع الترك كالمحجور عليه . فأما الجواب عن حديث علي عليه السلام فليس بقضاء على الوكيل بإقراره على موكله فلم يصر ذلك لموكله .
وأما ادعاؤهم أن المخاصمة تتضمن إقرارا وإنكارا فغير صحيح بل يتضمن من جهة الوكيل الإنكار لما عليه من المعونة وحفظ الحق ومن جهة الموكل الإقرار والإنكار .
وأما قولهم إنه لما قام في الإنكار مقام موكله وجب أن يكون في الإقرار بمثابته ، فالجواب عنه أن في الإنكار معونة لموكله وحفظا لحقه ، فصح من الوكيل وفي الإقرار معونة على موكله ، وإسقاط لحقه ، فلم يصح من الوكيل .
وأما قياسهم على الموكل فالمعنى فيه أنه لما ملك الإبراء ملك الإقرار ولما لم يملك الوكيل الإبراء لم يملك الإقرار .