الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص511
فلو وكله في مخاصمة كل خصم يحدث له وقد اختلف أصحابنا في صحة الوكالة على وجهين :
أحدهما : وهو قول البصريين أنها وكالة باطلة لما يتضمنها من الجهالة بالموكل فيه وإنها على غير شيء في الحال .
والوجه الثاني : وهو قول البغداديين ومذهب أهل العراق أنها وكالة جائزة ، لأن الوكالة من العقود الجائزة فلم تبطل بالجهالة .
ولما اتفقوا عليه من جواز الوصية بالحادث المجهول .
فلو قال : قد وكلتك في استيفاء مالي من زيد فمات زيد . لم يجز للوكيل أن يستوفيه من وارثه .
والفرق بينهما أن الأمر باستيفائه من ما على زيد متوجه إلى المال فجاز أن يستوفيه من ورثته ، وإلا من استيفائه من زيد متوجه إلى زيد أن يكون هو المستوفى منه فلم يجز أن يستوفيه من غيره .
قال الماوردي : وهذا صحيح وعقد الوكالة إرفاق ومعونة في العقود الجائزة دون اللازمة لأن ما لزم من عقود المنافع افتقر إلى مدة يلزم العقد إليها وصفة العمل الذي يستوفي بها كالإجارة فإذا لم يلزم تقريرها بمدة الاستيفاء ما تضمنها من صفة دل على جوازها دون لزومها . وسواء كانت تطوعا أو بعوض ، إلا أنها إن كانت تطوعا فهي معونة محضة ، وإن كانت بعوض فهي في معنى الجعالة .
وإذا وكل رجل رجلا فالوكيل بالخيارين قبول الوكالة وردها . وقبوله إن قبل على التراخي دون الفور على ما مضى فإذا قبلها فهو بالخيار إن شاء ثبت على الوكالة وإن شاء فسخها . وسواء كان ذلك قبل شروعه في المخاصمة والعمل أو بعده . وسواء كان الموكل حاضرا أو غائبا .
وقال مالك إن كان في رجوعه إضرار بالموكل لم يكن له الرجوع إلا بحضوره وإن لم يكن فيه إضرار جاز له الرجوع بغير حضوره .