الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص508
والثاني : وهو قول أبي العباس بن سريج تبطل وكالته لأنها من جهة السيد أمر فبطلت كسائر أوامره التي تبطل بعتقه .
فأما المرأة فيجوز أن تتوكل لزوجها ، فأما غير زوجها فلا يجوز أن تتوكل إلا بإذن زوجها لما قد ملكه الزوج من الاستمتاع بها وأن له منعها من الخروج لتصرفها . وإن وكلها الزوج أو غيره جاز ، فيما سوى النكاح والطلاق . فإن وكلت في النكاح كان باطلا لأن المرأة لا تملك عقد النكاح . وإن وكلت في الطلاق كان في صحة الوكالة وجهان :
أحدهما : باطلة لأنها لا تملك الطلاق .
والثاني : جائزة لأنها لو ملكت طلاق نفسها صح فجاز أن تتوكل في طلاق غيرها ، فلو وكلت ثم طلقها الزوج كانت الوكالة على حالها سواء توكلت للزوج أو لغيره لأنها وكالة وليست أمرا يلزم امتثاله كالسيد مع عبده .
قال الماوردي : وهذا كما قال : يجوز ثبوت الوكالة عند الحاكم وإن كان الخصم غائبا .
وقال أبو حنيفة : لا يصح ثبوت الوكالة على خصم غائب إلا في ثلاثة أحوال : إما أن يكون مريضا أو يريد سفرا أو يقر بها الموكل عند الحاكم ، فأما بالبينة فلا يسمعها إلا بحضور خصم وإن كانوا جماعة صح ثبوتها بحضور أحدهم ، وجعل امتناعه في ثبوت الوكالة على غير خصم بناء على أصله في القضاء على الغائب لا يجوز وفي إثبات الوكالة عليه قضاء على غائب .
ودليلنا عليه مع مخالفتنا للأصل الذي عليه أن عليا رضي الله عنه وكل عقيلا وعبد الله بن جعفر ولم يكن عنده توكيله إياهما خصم وهذه حال مشهورة في الصحابة وكل أقر عليها ولم يخالف فيها . ولأنه موكل في حق نفسه فلم يعتبر فيه حضور الخصم كالوكالة في استخراج الديون ولأن ما يشترط في عقد الوكالة عند مرض الموكل وسفره لم يشترط فيه عند حضوره ومغيبه كالشهادة طردا والقول عكسا ولأنه توكيل فوجب أن يتم بالموكل والوكيل كالتوكيل في العقود ولأن ما تنعقد به الوكالة في العقود تنعقد به الوكالة في مطالبة الخصوم كوكالة المريض والمسافر . ولأنه توكيل لم يشترط فيه رضا الخصم فلم يشترط فيه حضوره . وأصله إذا أقر بالوكالة أو وكل عنه حاكم ولأنه مستعان به في الخصومة فلم يشترط فيه حضور الخصم كإشهاد الشهود .