الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص505
والضرب الثاني : أن يكون تصرفه بغير إذن من ينوب عنه كالوصي وولي اليتيم وأب الطفل فيجوز له أن يوكل عن نفسه إن شاء فكلا الأمرين جائز فهذا قسم .
والقسم الثاني : من لا يجوز تصرفهم على الأحوال كلها وهم الصبيان والمجانين فلا يجوز توكيلهم وإنما يجوز لوليهم أن يوكل عنهم فلو أن صبيا وكل ثم بلغ أو مجنونا وكل ثم أفاق كانت الوكالة باطلة لفساد وقوعها فلم يصح لجواز الأمرين من بعد .
فأما العاقل إذا وكل عن نفسه ثم جن بعد توكيله فله حالتان : –
إحداهما : أن يطول به الجنون حتى يصير إلى حال يولي عليه فالوكالة قد بطلت لأنه لما صار بالجنون باطل التصرف كان تصرف من توكل من جهته أبطل .
والحال الثانية : أن لا يطول به الجنون حتى يفيق منه سريعا قبل أن يولى عليه فالظاهر من مذهب الشافعي بطلان الوكالة للمعنى الذي ذكرنا وسواء صار مألوفا أو غير مألوف .
وقال أبو العباس بن سريج الوكالة صحيحة لا تبطل لا سيما إذا صار مألوفا لأن قصور مدته وسرعة إفاقته تجعله عفوا كأوقات النوم لانتفاء الخوف عنه .
والقسم الثالث : من يجوز تصرفه على حال دون حال وفي شيء دون شيء وهم ثلاثة السفيه والمفلس والعبد .
فأما السفيه فيجوز أن ينفرد بالطلاق والخلع والرجعة وقبول الوصية والهبة فيجوز أن يوكل من ينوب عنه في ذلك . ولا يجوز تصرفه فيما سواه ولا يجوز أن يوكل فيه .
وأما المفلس فيجوز تصرفه فيما سوى المال الذي في يده لأن حجر المفلس إنما تناول ما بيده من المال دون غيره . فعلى هذا لا يجوز أن يوكل في المال المحجور عليه فيه لبطلان تصرفه فيه ويجوز أن يوكل فيما سواه من عقد بيع أو نكاح أو غيره .
وأما العبد فتصرفه على ضربين :
أحدهما : ما لا يفتقر فيه إلى إذن السيد كالطلاق والخلع والرجعة وقبول الوصية والهبة ، فيجوز أن يوكل فيه إن باعه السيد لم تبطل الوكالة وكذلك لو أعتقه .
والضرب الثاني : ما يفتقر إلى إذن السيد وهو على ضربين :
أحدهما : ما يصير فيه بالإذن متصرفا في حق نفسه دون سيده كالنكاح . فيجوز له أن يوكل فيه عن نفسه إذا أذن له السيد فيه فلو باعه السيد بطلت الوكالة لانتقال الحق إلى غيره ولو أعتقه لم تبطل الوكالة لانتقال الحق إلى نفسه .