پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص463

لما فيه من الرفق والتوسعة فكذا كفالة النفوس لما فيها من الرفق والتوسعة وهو أن يرتفق المكفول به في الإطلاق ليسهل عليه طلب الحق ويستوثق المكفول له فيسهل عليه التماس من عليه الحق .

والقول الثاني : إن كفالة النفوس باطلة ، ودليل بطلانها قوله تعالى : ( قال معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده ) [ يوسف : 78 ] فكان قوله معاذ الله إنكارا للكفالة أن تجوز حين سأله إخوته أن يأخذ أحدهم كفيلا ممن وجد متاعه عنده ولأن ما لا يضمن باليد لا يضمن بالعقد ، كالميتة والخمر ولأنه عقد ضمان لا يستحق على الضامن المطالبة بمقتضاه فوجب أن يكون باطلا كضمان القصاص .

ولأن من لم يصح أخذه بمقصود العقد لم يصح منه ذلك العقد ، كبيع الصبي والمجنون ولأنه ضمان عين في الذمة ، فوجب ألا يصح كالمسلم في الأعيان ولأنها كفالة لا تصح بغير إذن المكفول به فوجب ألا تصح بإذنه ، أصله إذا كفل بالشهود ليحضرهم للأداء ولأن المكفول به لا يجب عليه تسليم نفسه وإنما يجب عليه الخروج من الحق وحبسه إن حبس ليخرج من الحق فلأن لا يجب على الكفيل تسليم المكفول به أولى . لأن ما لا يلزم المضمون عنه فأولى ألا يلزم الضامن ولأنه إن استحق إحضاره مجلس الحكم فهو على الحاكم أوجب ، فإن عجز عنه الحاكم فالكفيل عنه أعجز فهذا توجيه القولين وهي طريقة من ذكرنا من أصحابنا .

وكان أبو العباس بن سريج وطائفة من متقدمي أصحابنا يقولون الكفالة بالنفوس جائزة في الأموال ، قولا واحدا وفي الحدود على قولين ،

أحدهما : جائزة كالأموال .

والثاني : باطلة ، لأن الحدود تدرأ بالشبهات فلا معنى للتوثق فيها بالكفالات وسواء في الحدود ما كان من حقوق الأدميين كالقذف والقصاص أو ما كان لله كالخمر والزنا وتأولوا قول الشافعي غير أنها ضعيفة يعني غير أن القياس فيها ضعيف لكن لما اقترن به السنة والأثر وجب المصير إليه لا إن ذلك قول ثان في إبطالها ، كما قال في النائم قاعدا لو صرنا إلى النظر توضأ بأي حالاته كان ، فأسقط النظر للخبر فلم يدل ذلك على اختلاف قوله فيه وكما قال في القديم آذان الصبح قبل الوقت وليس ذلك بقياس لكن اتبعنا رسول الله ( ص ) وأما قوله ولا يكفل رجل في حد ولا لعان فمن أبطل الكفالة في الحدود حمل ذلك على ظاهره ومن جوزها في الحدود على أحد القولين تأول ذلك على إبطال الكفالة بنفس الحد واللعان لا بنفس من وجب عليه الحد واللعان .