پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص451

برئ وبرئ المضمون عنه وهل للضامن أن يرجع على المضمون عنه بشيء أم لا ؟ على وجهين :

أحدهما : لا يرجع بشيء لأن الألف الأولى لم يقع بها الإبراء والألف الثانية هو مظلوم بها .

والوجه الثاني : له الرجوع بأحد الألفين لأنه قد أسقطها من ذمة المضمون عنه بالأداء فعلى هذا بأي الألفين يرجع ؟ على وجهين : أحدهما يرجع بالألف الأولى لأن الإبراء في الباطن كان بها ، والثاني يرجع بالألف الثانية لأن المطالبة سقطت بها .

فأما إذا كان المضمون عنه حاضرا عند دفعها إلى المضمون له فمذهب الشافعي أن للضامن أن يرجع على المضمون عنه بما أداه بمحضره ، لأن الاستيثاق بالإشهاد إذا حضر المضمون عنه إليه ، دون الضامن ، فلما لم يشهد صار هو التارك بحقه من الوثيقة دون الضامن ، ثم للمضمون له إذا حلف أن يرجع بحقه على من شاء من المضمون عنه أو الضامن ، فإن رجع به على المضمون عنه فأخذ منه ألفا كان للضامن أن يرجع عليه فيغرمه ألفا ، وإن رجع على الضامن فأغرمه ألفا ثانية كان للضامن أن يرجع بالألف الأولى دون الثانية ، ومن أصحابنا من قال إن حضور المضمون عنه الدفع لا يسقط عن الضامن حق الوثيقة بالإشهاد ، لأنه أمره أن يدفع دفعا مبرئا ، فصار ذلك مقرونا بالإشهاد فعلى هذا يكون الحكم فيه كما لو لم يحضر المضمون عنه الدفع فإن رجع المضمون له على المضمون عنه لم يرجع الضامن عليه بشيء وإن رجع على الضامن فهل للضامن أن يرجع بإحدى الألفين أم لا ؟ على ما ذكرنا من الوجهين والله أعلم .

( مسألة )

قال المزني رضي الله عنه : ‘ ولو ضمن لرجل ما قضى به له على آخر أو ما شهد به فلان عليه ( قال الشافعي ) لا يجوز هذا وهذه مخاطرة ‘ .

قال الماوردي : وهذا صحيح لا يصح ضمان المال حتى يكون واجبا معلوما ، ولا يصح ضمان ما لم يجب ولا ما كان مجهولا ولا الإبراء منه وقال أبو حنيفة يصح ضمان المجهول ، والإبراء منه والهبة له استدلالا بأن ضمان الدرك لما جاز اتفاقا مع جهالته في استحقاق كل المبيع أو بعضه دل على جواز ضمان المجهول به حجاجا وكذلك ما لم يجب .

ودليلنا أن كل جهالة تبطل بها الأثمان ، فإنه يبطل بها الضمان ، قياسا على جهالة الجنسين ، ولأن كل ما لم يثبت في الذمة بجهالة جنسه لم يثبت فيها لجهالة قدره كالأثمان ، ولأن الضمان وثيقة فلم يجب إلا في معلوم ، كالرهن ولأنه ضمان مال مجهول فوجب أن