الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص450
فعلى هذا إن شهد عدلين في الظاهر فاسقين في الباطن لم يرجع ، فكان مفرطا ، وإن كان من أشهده ناقص العدد ناقص الصفة مثل أن يشهد شاهدا واحدا . . عبدا أو فاسقا فهذا كمن لم يشهد ، لأن المقصود بالشهادة إثبات الحق بها عند التنازع ، وهذه شهادة لا يثبت بها حق ، فكان وجودها كعدمها ، وإن كان من أشهد ، كامل العدد ناقص الصفة مثل أن يشهد شاهدين عبدين أو فاسقين فليست هذه بينة ، وهي كمن لم يشهد ، لأن الحق لا يثبت بها عند التنازع ، فلو أعتق العبدان أو عدل الفاسقان بعد إشهادهما فإن ثبت الحق بشهادتهما رجع به ، وإن لم يثبت كموتهما قبل أداء الشهادة فلا رجوع به له لتفريطه في الابتداء حين أشهدهما . وإن كان من أشهده ناقص العدد كامل الصفة مثل أن يشهد شاهدا واحدا عدلا ، فإن اقتصر على إشهاده ولم يرد أن يحلف معه ، فليست هذه بينة ويكون حكمه حكم من لم يشهد ، وإن اقتصر على إشهاده ليحلف معه فعلى وجهين : –
أحدهما : أنها بينة ، وله الرجوع لأن الشاهد واليمين بينة كالشاهدين .
والوجه الثاني : أنه يكون مفرطا بمثابة من لم يشهد ، لأن من الحكام من لا يحكم بالشاهد واليمين إذا ثبت ما وصفنا وأشهد من لا يكون مفرطا بإشهاده على ما بينا ، فلا يخلو أن يثبت بهم البينة على المنكر للقبض أم لا ، فإن ثبتت البينة عليه بشهادتهم ، حكم عليه باستيفاء حقه ، وبرئ منه الضامن والمضمون عنه ، وكان للضامن أن يرجع بما أداه ، وإن لم تقم البينة لموتهم أو حدوث فسقهم أو بعد غيبتهم ، فالقول قول المضمون له المنكر مع يمينه ، إنه لم يقبض حقه من الضامن ، ثم هو على حقه من مطالبة من شاء من الضامن والمضمون عنه ، فإن رجع على المضمون عنه فأخذ حقه منه برئ الضامن والمضمون عنه معا ، وكان للضامن أن يرجع على المضمون عنه بما أداه لأنه لم يكن منه تفريط فيصير المضمون عنه غارما لألفين ألفا منها أداء إلى المضمون له ، وألفا غرمها للضامن بأدائها عنه ، وإن رجع المضمون له حين حلف على الضامن كان للضامن أن يرجع على المضمون عنه بالألف الأولى دون الثانية ، لأنه بالثانية مظلوم فلا يرجع بها على غير من ظلمه ، فهذا حكم الضامن إذا أشهد فيما دفع والله أعلم .