الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص449
وكانت طائفة أخرى من أصحابنا تمنع أن يكون هذا قضاء على الغائب والله أعلم بالصواب لأن ما قضي على الغائب أحلف المدعي مع بينته والمدعي هاهنا لا يحلف فلم يكن ذلك قضاء على الغائب والله أعلم .
قال الماوردي : وصورتها في رجل ضمن عن رجل ألفا بأمره ودفعها إلى المضمون له وأنكرها فلا يخلو حال الضامن في دفعه الألف إلى الطالب من أحد أمرين إما أن يشهد عليه بدفعها إليه أو لا يشهد عليه ، فإن أشهد عليه بدفعها إليه فلا يخلو حال من أشهده عليه ليكون بينة عند إنكاره من أربعة أحوال :
أحدها : أن تكون بينة كاملة العدد كاملة الصفة .
والثاني : أن تكون ناقصة العدد ناقصة الصفة .
والثالث : أن تكون كاملة العدد ناقصة الصفة .
والرابع : أن تكون ناقصة العدد كاملة الصفة .
فإن أشهد بينة كاملة العدد كاملة الصفة ، مثل أن يشهد شاهدين عدلين أو شاهد وامرأتين فله الرجوع بالألف سواء بقي الشهود على حالهم أو ماتوا ، أو فسقوا ، لأن حدوث الموت والفسق مما لا يمكن الاحتراز منه ، وهل يراعى فيمن أشهده العدالة الظاهرة كشهود النكاح ، أو تراعى فيهم العدالة الظاهرة والباطنة كشهود القاضي إذا أراد إنفاذ الحكم بشهادتهم .
على وجهين : أحدهما إنه تراعى فيهم العدالة الظاهرة كالنكاح ، لأن العدالة الباطنة يتعزز الوصول إليها .
والوجه الثاني : إن المراعي فيمن يشهد العدالة الباطنة كشهود الحاكم لأن المقصود بها إثبات الشهادة عند الحاكم .