الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص438
بحال ، وقال مالك : إن قصد به خلاص المضمون عنه لمودة بينهما ، أو صرح بالرجوع عند الأداء رجع عليه .
وهذا خطأ لأن عليا ، وأبا قتادة لو استحقا الرجوع بما ضمنا لما كان في ضمانهما فك لرهان الميت ، ولأنه متطوع بالضمان والأداء ، فصار كمن أنفق على رقبة غيره أو علف بهائمه ، لم يرجع بما أنفق لتطوعه .
وأما القاسم الثاني وهو أن يضمن عنه بأمره ويؤدي عنه بأمره ، فله الرجوع لا يختلف . لأن الأمر به في الحالين يخرجه من حكم التطوع .
والقسم الثالث : وهو أن يضمن عنه بغير أمره ويؤديه بأمره ، فله في الأمر بالأداء ثلاثة أحوال : حال يقول : أد ما ضمنته ، من غير أن يقول : أد عني ذلك فهذا لا رجوع للضامن به لا يختلف . لأن هذا أمر بما كان لازما له بالضمان . الذي تطوع به .
والحال الثاني : أن يقول : أد عني ما ضمنته لترجع به علي ، فله الرجوع بذلك لا يختلف ، لأنه قد شرط له الرجوع في أمره بالأداء .
والحال الثالث : أن يقول : أد عني ما ضمنته ، ففي رجوعه وجهان :
أحدهما : يرجع به ، لأنه أمره بالغرم عنه .
والثاني : لا يرجع به لأن هذا الأمر يحتمل أن يراد به التطوع ، ويحتمل أن يراد به الرجوع .
وأما القسم الرابع وهو أن يضمن عنه بأمره ويؤديه بغير أمره فهذا بنظر ، فإن أداه بعد المطالبة له والتشديد عليه ومحاكمته فله الرجوع بما أدى ، لأنه مستحق عليه بالضمان المأمور به ، وإن أداه قبل المطالبة به ، ففي رجوعه به وجهان :
أحدهما : لا رجوع له به ، لأنه يصير قبل المطالبة متطوعا بالأداء .
والوجه الثاني : وهو الصحيح وبه قال أبو علي بن أبي هريرة وأكثر أصحابنا له الرجوع ، لأن الأداء مستحق بالضمان المأمور به ، فصار مؤديا ما وجب بالأمر ، وهكذا حال الوكيل في الشراء إن أذن له الموكل في وزن الثمن عنه ، كان له الرجوع به وإن نهاه عن وزن الثمن عنه لم يكن له الرجوع به ، وإن لم يأذن له في وزنه ، ولم ينهه عنه فإن وزنه عنه بعد المحاكمة والمطالبة فله الرجوع به ، وإن وزنه قبل المطالبة ففي الرجوع به وجهان .