الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص437
قوله : ‘ فك الله رهانك كما فككت رهان أخيك ‘ ، فمعنى فك فيما كان مانعا من الصلاة عليه ، وأما ادعاؤهم استحالة ثبوت الدين في ذمتين ، فغلط ، لأن معنى ثبوت الدين في الذمة إنما هو استحقاق المطالبة به ، وليس يمتنع أن يكون الحق الواحد يستحق المطالبة به لشخصين ، ألا ترى أن من غصب شيئا ، ثم غصبه منه غاصب آخر ، واستهلكه كان للمالك مطالبة كل واحد منهما به ، ولم يكن ذلك مستحيلا ، كذلك في الضمان .
فإذا طالب أحدهما لم تكن له مطالبة الآخر بشيء وهذا خطأ ، لأن ثبوت الحق في ذمة كل واحد منهما على ما وصفنا يوجب مطالبة كل واحد منهما ، وتمنع من إيقاع الحجر عليه مطالبته ، فإذا ثبت أنه بالخيار في مطالبة أيهما شاء فحجر عليهما بالفلس أعني الضامن والمضمون عنه ، وأراد الحاكم بيع أموالهما في دينهما ، فقال : الضامن أبرأ ببيع مال المضمون عنه ، فإن وفى بدينه برئت من ضمانه ، وإن عجز بيع من مالي بقدرة ، وقال المضمون له أريد أن أبيع مال أيكما شئت بديني ، قال الشافعي رضي الله عنه في رواية حرملة أن كان الضامن ضمن بأمر المضمون عنه ، فالقول قوله ، وإن ضمن بغير أمره فالخيار إلى المضمون له في بيع مال أيهما شاء والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، وجملته أن من ضمن مالا عن غيره وأداه عنه لم يخل حاله فيه من أربعة أقسام :
أحدها : أن يضمن عنه بغير أمره ويؤديه بغير أمره .
والثاني : أن يكون الضمان بأمره والأداء بأمره .
والثالث : أن يضمن بغير أمره ويؤديه به بأمره .
والرابع : أن يضمن عنه بأمره ويؤديه بغير أمره .
فأما القسم الأول وهو أن يضمن عنه بغير أمره ، ويؤديه بغير أمره فلا رجوع له بما أدى