پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص435

إلى قبول المرتهن ، فعلى هذا إن تراخى القبول لم يصح الضمان كما لا يصح بتراخي القبول في سائر العقود ، وقد صرح بهذا القول أبو علي الطبري في إفصاحه .

والوجه الثاني : حكاه ابن أبي هريرة عن بعض شيوخه أن رضا المضمون له شرط في لزوم الضمان ، ولا يفتقر إلى القبول باللفظ ، لأن الضمان لو كان كسائر كالعقود في أنه مشروط بالقبول ، لكان مواجهة المضمون له شرطا في صحته ، فلما جاز أن يضمن له مع غيبته ، دل على أن لفظ القبول ليس بشرط ، وقد ضمن علي وأبو قتادة ( رضوان الله عليهما ) دين الميت مع غيبة صاحبه دل على أنه موقوف على الرضا دون القبول . فعلى هذا إذا رضي المضمون له بالضمان ، بقول صريح أو ما يدل على الرضا في مجلس الضمان جاز ، وإن تراضيا عن مال الضمان فإن لم يوجد منه الرضا بالضمان حتى فارق المجلس فلا ضمان ، وللضامن أن يرجع في ضمانه فلا رجوع للضامن فيه ، لأنه قد تم ولزم .

فهذا حكم الضمان إذا خوطب به المضمون له فأما إذا خوطب به وكيل المضمون له ، وهو أن يقول الضامن للوكيل قد ضمنت لموكلك فلان ابن فلان ألف درهم عن فلان ، فينظر في الوكيل ، فإن كان مأذونا له في أخذ الضمان ، تم الضمان بقبول الوكيل على أحد الوجهين ، وبرضاه على الوجه الثاني ، ولا يكون تمامه موقوفا على المضمون له ، وكذلك في حق المولى عليه بصغر ، أو جنون ، أو سفه وإن كان الوكيل غير مأذون له في أخذ الضمان ، كان تمام الضمان موقوفا على علم الموكل ، ثم على ما يكون من قبوله في أحد الوجهين ، أو رضاه في الوجه الثاني .

فهذا حكم الضمان إذا خوطب به وكيل المضمون له ، فأما إذا خوطب به الحاكم ، وهو أن يقول الضامن للحاكم ، قد ضمنت لفلان ابن فلان عن فلان ابن فلان ألف درهم ليرجع عليه .

فإن كان المضمون له مولى عليه لصغر ، أو سفه ، أو جنون ، أجاز الحاكم ضمانه فإذا أجاز صار تاما به ، وإن كان المضمون رشيدا لا يولى عليه ، كان تمامه موقوفا على علمه ، ثم على ما يكون من قبوله أو برضائه ، وليس للحاكم أن يجيز الضمان عليه . وإن كان الضمان وثيقة له ، لأنه عقد فلا يصح من غيره مع سلامة حالة . فهذا حكم الضمان إذا خوطب به الحاكم ، فأما إذا خوطب به شاهد أشهده بالضامن على نفسه بالضمان ، فقال : قد ضمنت لفلان عن فلان ألف فأشهد علي أو لم يقل فاشهد علي فتمام هذا الضمان موقوف على الموقوف له إن كان غير مولى عليه ، أو على وليه إن كان مولى عليه ، وليس للشاهد أن يجيز الضمان على المولى عليه بخلاف الحاكم ، لأن الشاهد لا ولاية له والله أعلم .