پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص433

أحدهما : معناه من ترك دينا عليه ولا قضاء فعلي قضاؤه من مال الصدقات وسهم الغارمين ، ومن ترك مالا لا دين عليه فهو لورثته .

والثاني : معناه : من ترك دينا له ومالا فعلي اقتضاء الدين واستخراجه ممن هو عليه حتى يصير مع ماله الذي تركه إلى ورثته .

فإن قيل : فلم كان يمتنع من الصلاة على من عليه دين إذا مات معسرا ، ولا يمتنع من الصلاة إذا مات موسرا ؟ والمعسر في الظاهر معذور ، والموسر غير معذور ؟ ، قيل : لأن الموسر يمكن قضاء دينه من تركته والمعسر لا يمكن قضاء دينه ، وقد قال نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى ، فلما كان مرتهنا بدينه لم تنفعه الصلاة عليه ولا الدعاء له إلا بعد قضائه ، وقيل : بل كان يفعل ذلك زجرا عن أن يتسرع الناس إلى أخذ الديون ليكفوا عنها ، وقيل : بل كان يفعل ذلك ليرغب الناس في قضاء دين المعسر فلا يضيع لأحد دين ولا يبقى على معسر دين .

( فصل )

فإذا ثبت جواز الضمان ، بما ذكرناه ، فالضمان يتم بأربعة أشياء : بضامن ومضمون له ومضمون عنه ومضمون فيه .

والمغلب فيه الضامن لأن الضمان لازم من جهة الضامن دون المضمون عنه ، فلا بد أن يكون عارفا بالحق الذي ضمنه في جنسه وصفته وقدره .

واختلف أصحابنا هل يحتاج الضامن إلى معرفة المضمون له ، والمضمون عنه أم لا ؟ على ثلاثة مذاهب :

أحدهما : أنه لا يحتاج إلى معرفتهما جميعا وهو قول أبي العباس بن سريج ، لأن عليا وأبا قتادة ضمنا عمن عرفاه ولمن لا يعرفاه مع قوله تعالى : ( ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم ) [ يوسف : 72 ] ومن يجيء به غير معروف .

والمذهب الثاني : أنه لا يصح الضمان إلا بمعرفة المضمون له ، والمضمون عنه ، وهو : مذهب أبي إبراهيم المزني لأنه لما لزم معرفة الحق ، لزم معرفة من عليه وله ، ولأنه قد صار معاملا للمضمون له منفصلا عن المضمون عنه فاحتاج إلى معرفة المضمون له ليعرف حسن معاملته وإلى معرفة المضمون عنه ليعرف هل هو موضع لما يفعل به .

والمذهب الثالث : أنه يحتاج إلى معرفة المضمون له ولا يحتاج إلى معرفة المضمون عنه وهو قول أبي علي بن أبي هريرة لأن المعاملة منقطعة بينه وبين المضمون عنه فلم يحتج إلى معرفته والمعاملة باقية بينه وبين المضمون له فاحتاج إلى معرفته . ثم لا يخلو حال المضمون من أحد أمرين : إما أن يكون مضمون الأصل أو غير مضمون الأصل ، فإذا كان غير