الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص431
أحدهما : أنها حكاية حال محرفة ونقل قصة غير صحيحة . لأن الصواع لم يفقد والقوم لم يسرقوا .
وإذا كان موضوعا كذبا كان الاستدلال بها فاسدا .
فالجواب عنه من وجهين أحدهما : أن هذا من قول المنادي ، ولم يكن يعلم بما فعل يوسف ، فلما فقد الصواع ظن أنهم قد سرقوه فنادى بهذا وهو يعتقد أنه حق وصدق .
والثاني : أن يوسف فعل ذلك عقوبة لإخوته فخرج من باب الكذب إلى حد العقوبة والتأديب ، ثم رغب الناس فيما بذله لهم ، بما قد استقر عندهم لزومه ووجوبه ليكون ادعى إلى طلبتهم ، وتحقيق القول عليهم زيادة في عقوبتهم .
والسؤال الثاني : أن الآية تناولت ضمان مال مجهول ، لأن حمل البعير مجهول وضمان المجهول باطل .
فالجواب عنه من وجهين أحدهما : أن حمل البعير كان عندهم عبارة عن قدر معلوم كالوسق كان موضوعا لحمل الناقة ثم صار مستعملا في قدر معلوم .
والثاني : أن الآية دالة على أمرين :
أحدهما : جواز الضمان .
والثاني : صحته في القدر المجهول ، فلما خرج بالدليل ضمان المجهول كان الباقي على ما اقتضاه التنزيل .
والسؤال الثالث : أنه ضمان مال الجعالة ، وضمان مال الجعالة باطل .
والجواب عنه : أن أصحابنا قد اختلفوا في جواز ضمان مال الجعالة على وجهين :
أحدهما : يجوز ضمانه فعلى هذا سقط السؤال .
والثاني : أنه لا يصح ، فعلى هذا لا يمتنع قيام الدليل على فساد ضمان مال الجعالة من التعلق بباقي الآية ، وقال تعالى : ( سلهم أيهم بذلك زعيم ) [ القلم : 40 ] وهذا وإن كان على طريق التحدي فهو دال على جواز الضمان والزعيم الضمين وكذلك الكفيل والحميل والصبير ، ومعنى جميعها واحد غير أن العرف جار بأن الضمين مستعمل في الأموال ، والحميل في الديات ، والكفيل في النفوس ، والزعيم في الأمور العظام ، والصبير في الجميع ، وإن كان الضمان يصح بكل واحد منهما ويلزم .
وأما السنة فروى ابن عباس عن شرحبيل عن أبي أمامة قال سمعت رسول الله ( ص )