الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص428
ورجع بحقه على المحيل ، وهل للمحيل أن يرجع بها على المحال عليه أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : لا يرجع عليه بها لأنه بادعاء الحوالة معترف بها للمحتال ، فلم يجز أن يرجع بحق قد اعترف به لغيره .
والوجه الثاني : يرجع بها على المحتال عليه ، لأن اعترافه به للمحتال مشروط بسقوط حقه من ذمته فلما لم يسقط من ذمته كان مال الحوالة باقيا على ملكه فيرجع به وإن كان المحتال قد قبض الحوالة ، فلا يخلو من أن تكون باقية ، أو تالفة ، فإن كانت باقية ، فهي في الحكم على ملك المحيل ، ويقال للمحتال استوف حقك منها ، لأن ادعاء المحيل أنه أحاله بها من حقه إذن منه بقبضها من حقه .
وإن كانت تالفة كان تلفها من مال المحيل ، وحق المحتال باق في ذمة المحيل ، وليس للمحيل أن يرجع بالحوالة على المحال عليه ، لأنه دفعها بإذنه .
وإذا قيل بمذهب ابن سريج ، إن القول قول المحيل نظر : فإن لم يكن قبض الحوالة فله أن يقبضها الآن ، ولا يكون إنكاره لها من قبل بمانع لقبضها من بعد ، ويصير كالمبتدئ لها بعد الخلاف .
وإن كان قد قبضها فقد استقرت وبرئ المحيل منها ، سواء كانت باقية في يده أو تالفة .
أحدهما : أن يقول ضمنت لك مالك على فلان ، على أنه برئ منه ، فعلى قياس مذهب المزني يصح هذا ، وتكون حوالة بلفظ الضمان ، لأن الألفاظ مستعارة .
وعلى قياس مذهب ابن سريج يكون ضمانا باطلا اعتبارا بظاهر اللفظ .
والثاني : أن يقول قد أحلتك على زيد ، على أنني ضامن للمال حتى تقبضه ، فعلى قياس مذهب المزني يكون هذا ضمانا بلفظ الحوالة ، فيصح إذا قبل المحال عليه ، لأن الألفاظ مستعارة ، وعلى قياس مذهب ابن سريج تكون حوالة فاسدة اعتبارا بظاهر اللفظ ، وما اقترن به من فساد الشرط .