پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص422

فإن عورض بحديث عثمان ، كان الجواب عنه ما نذكره ، وأما المعنى فهو سقوط المطالبة عمن عليه الحق من غير بقاء علقة يمنع من عوده كما لو سقط بقبض أو إبراء ، ولأن تعذر استيفاء الحق من المحال عليه لا يوجب فسخ الحوالة كما لو أفلس حيا ، ولأن من لزمه حق في ذمته فموته لا يوجب فسخ العقد الذي ثبت الحق لأجله كالمشتري بثمن مؤجل إذا مات لم يوجب موته فسخ الشراء ولأن انتقال الحق من محل إلى مثله لا يثبت إلا بالمراضاة قياسا على الإبدال في الأعيان ولأن الحوالة بالحق تجري مجرى القبض بدليلين :

أحدهما : أنه صرف يجوز الافتراق فيه ، فلولا أنه قبض لبطل بالافتراق .

والثاني : أن المحيل لو مات جاز لورثته الاقتسام بالتركة لبقاء حقه فيها فدل هذا على أن الحق مقبوض والحقوق المقبوضة إذا تلفت الرجوع بها كالأعيان المقبوضة ولأن الحوالة اسم مشتق من معناه ، وهو تحول الحق به كما أن الضمان مشتق من انضمام ذمة إلى ذمة فلم يجز أن يعود الحق بعد تحوله إلا بمثل ما انتقل به .

فأما الجواب عما استدلوا به من حديث عثمان فمن وجوه :

أحدها : إنها رواية خليد وهو مجهول ،

والثاني : إنه منقطع لأن معاوية بن قرة لم يلق عثمان والحديث المنقطع غير لازم

والثالث : إنه قال في الحوالة أو الكفالة فكان شكا يمنع من صحة الاستدلال لأن في الكفالة يرجع وفي الحوالة لا يرجع ، والشك يمنع من تعيينه في الحوالة .

والرابع : إنه مستعمل لأنه قال لا توى على مال مسلم ، فيحمل إنه لا توى على مال المحتال وليس أحد الاستعمالين أولى وأما الجواب عن قياسهم على الأعيان التالفة فهو أن الحوالة قبض للحق بدليل ما مضى وما تلف بعد قبضه لم يستحق الرجوع به كالأعيان التالفة ، وأما الجواب عما قالوا : إنه لا يخلو أن يجري مجرى العيب أو الاستحقاق فهو أنه يجري مجرى العيب والعيوب الحادثة بعد القبض لا تستحق الرجوع بها كالأعيان .

وأما الجواب عما ألزموه على مذهبنا من الرجوع بعين المبيع عند فلس المشتري ، فهو أننا جميعا قد اتفقنا على الفرق بينهما لأنهم أوجبوا الرجوع في الحوالة دون المبيع ونحن نوجب الرجوع في المبيع دون الحوالة فهذا فرق من حيث الإجماع . ثم الفرق من حيث المعنى أن العلق في الحوالة منقطعة فلم يجز أن يعود الحق فيها والعلق في المبيع باقية لبقاء عينه فجاز أن يعود الحق إلى المبيع بالفلس الحادث .