الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص421
معدما ‘ قال الماوردي : وهذا كما قال إذا قبل المحتال الحوالة فقد انتقل الحق من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه إجماعا فإن أفلس المحال عليه أو جحد لم يكن للمحتال أن يرجع على المحيل بشيء وقال أبو حنيفة رحمه الله للمحتال أن يرجع على المحيل إذا مات المحال عليه مفلسا أو جحد الحق حيا ، وقال أبو يوسف ومحمد : يرجع عليه في هذين الموضعين وإذا أفلس حيا واستدلوا بحديث شعبة عن خليد بن جعفر عن أبي إياس معونة بن قرة عن عثمان رضي الله عنه قال في الحوالة أو الكفالة يرجع صاحبها لا توى على مال مسلم ولأن الحقوق المستقرة في الذمم قد تنتقل تارة إلى ذمة أخرى بالحوالة وتارة إلى عين بالمعاوضة فلما كان تلف العين قبل قبضها يوجب عود الحق إلى الذمة الأولى ، وجب أن يكون تلف الذمة قبل قبض الحق منها . يوجب عود الحق إلى الذمة الأولى . وتحريره قياسا أنه حق انتقل من الذمة إلى جهة فات استيفاؤه منها ، فوجب أن يعود إلى الذمة التي كان ثابتا فيها . كالأعيان التالفة قبل قبضها .
قالوا : ولأن خراب الذمة لا يخلو أن يجري مجرى العيب أو الاستحقاق فإن جرى مجرى الاستحقاق فقد عاد الحق إلى الذمة الأولى وإن جرى مجرى العيب كان مخيرا في الرجوع إلى الذمة الأولى .
قالوا ولأنه لما كان خراب الذمة بالفلس يوجب عندكم عود الحق إلى العين المبيعة كان ما يوجب عوده إلى الذمة الأولى أولى والدليل على صحة ما ذهبنا إليه قوله ( ص ) ‘ وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع ‘ فكان الدليل فيه من وجهين :
أحدهما : وهو دليل الشافعي رضي الله عنه إنه لو كان له الرجوع لما كان لاشتراط الملاءة فائدة ، لأنه إن لم يصل إلى حقه رجع فلما شرط الملاءة علم أن الحق قد انتقل بها انتقالا لا رجوع له به فاشترط الملاءة حراسة لحقه .
والدليل الثاني قوله : فإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع فأوجب عموم الظاهر اتباع المحال عليه أبدا ، أفلس أو لم يفلس ، وروي إنه كان لحزن جد سعيد بن المسيب على علي بن أبي طالب رضي الله عنه مال ، فأحاله به على إنسان فمات المحال عليه فرجع حزن إلى علي ، وقال : قد مات من أحلتني عليه ، فقال : قد اخترت علينا غيرنا أبعدك الله ، ولم يعطه شيئا ، فلو كان له الرجوع لما استجاز علي أن يمنعه منه وهو فعل منتشر في الصحابة لا نعرف له مخالفا .