الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص419
فأما الجواب عما ذكروه من المحيل والمحتال فالمعنى في المحيل أنه مالك فكان رضاه معتبرا في زوال ملكه والمحال عليه مملوك ، والمعنى في المحتال أنه لما لم تتم البراءة من دينه إلا برضاه ، لم تتم الحوالة به إلا عن رضاه ، ولما تمت البراءة عن الدين الذي على المحال عليه بغير رضاه تمت الحوالة بغير رضاه .
وأما الجواب عن الرهن فهو أن المرتهن لما لم يملك الرهن لم يكن له أن ينقله إلى غيره ، ولما كان المحيل مالكا للدين جاز أن ينقله إلى غيره ، وأما الجواب عن قولهم إن من عليه الدين لم يرض إلا بمعاملته ولا دخل إلا تحت ملكه فمنتقض بالوكيل ثم يقال هو كما قد ملكت ذمته كالعبد المملوك الذي لا خيار له في تمليك رقبته أشبه .
ولو كان حالا لم يجز أن تكون بمؤجل ، حتى يحيله بمثله من الدراهم بدراهم وفي الصحاح بصحاح ، وفي الحال بحال ، وفي المؤجل بمؤجل ، فإن كان الحق المستقر من غير الدراهم والدنانير كالبر والشعير فلا يخلو من أحد أمرين إما أن يكون مما يجوز المعاوضة عليه قبل قبضه أم لا ، فإن كان مما تجوز المعاوضة عليه قبل قبضه كالقرض وما استهلك بالغصب فالحوالة به جائزة .
كما تجوز بالدراهم والدنانير وإن كان مما لا تجوز المعاوضة عليه قبل قبضه كالسلم ، فقد خرج أبو العباس بن سريج في جواز الحوالة به وجهين من اختلاف الوجهين في الحوالة ، هل هي بيع أو عقد إرفاق ، فجوز الحوالة به إن قيل إنها عقد إرفاق وأبطلها إن قيل إنها بيع فإن كان الحق غير لازم ولا مستقر كمال الجعالة وعوض الكتابة فالحوالة به لا تصح لأن ما لم يجب قبل الحوالة لم يصر واجبا بالحوالة ، وإن كان لازما غير مستقر كالثمن في مدة الخيار ، ففي جواز الحوالة وجهان :
أحدهما : إنه تجوز إن قيل إنها عقد إرفاق
والثاني : لا تجوز إن قيل إنها بيع .
فأما وجوب الحق على المحال عليه فقد اختلف أصحابنا هل هو شرط في صحة الحوالة على وجهين :