الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص406
قال الماوردي : وهذا كما قال ، إذا كان في دار رجل نخلة أو شجرة ، فاستعلت أغصانها وانتشرت إلى دار جاره ، وطالبه الجار بإزالة ما انتشر في داره من الأغصان فذلك له .
وعلى صاحب الشجرة أن يتوصل إلى إزالة ذلك عنه ، لأن من ملك دارا ملك الارتفاق بعلوها والهواء فيها ، فلم يكن لصاحب الشجرة إسقاط حقه فإن كانت الشجرة يابسة ، قطع الأغصان المنتشرة عنها .
وإن كانت رطبة ثناها وشدها إلى الشجرة أو قطعها إن شاء .
فإن بادر صاحب الدار فقطع ما انتشر في داره من الأغصان ، فإن كانت يابسة لا تنثني جاز ولم يضمن إذا لم يتعد .
وقال بعض العراقيين يضمن إذا قطعها بغير حكم حاكم . وهذا غير صحيح ، لأنه مستحق لذلك اتفاقا فلم يكن حكم الحاكم فيه مؤثرا .
فأما إن كانت الأغصان رطبة فهو ضامن لما نقص من قيمة الشجرة بقطع الغصن منها ، لأن قطعه غير مستحق ، لأنه يمكن إزالة الضرر عنه بأن يثني الغصن إلى الشجرة ويشد معها فصار يقطعه متعديا ، .
فإن طالب صاحب الغصن أن يصالحه الجار على تركه فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يكون الغصن في الهواء لم يستند على حائطه فإن كان كذلك لم يجز الصلح وكان باطلا .
لأنه صلح على الهواء ، والصلح على الهواء لا يجوز ، لأنه من توابع الملك فلم يجز إفراده بالعقد كالمرافق .
والضرب الثاني : أن يكون الغصن قد استند على حائطه فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يكون الغصن يابسا فالصلح على إقراره جائز كما يجوز الصلح على وضع جزع في حائطه . وإن كان الغصن رطبا ففي الصلح على إقراره وجهان :
أحدهما : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة وجمهور البغداديين أن الصلح على إقراره باطل ، لأنه ينمى مع الأوقات فصار صلحا على مجهول .
والوجه الثاني : أن الصلح عليه جائز ، ويكون ما حدث فيه من النماء تبعا لا يبطل بالجهالة ، كما لا يبطل العقد بجهالة ما كان تبعا له من المرافق والأساس وهذا قول أكثر البصريين .