الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص405
قال الماوردي : أما كتاب الدعوى على كتاب أبي حنيفة فمن كتب الشافعي في الجديد .
فاختلف أصحابنا فيما قاله فيه ، فذهب المزني وابن أبي هريرة إلى أنه أجبر فيه على البناء والمحافرة ، كما أجبر عليه في القديم .
فصار قوله في القديم وأحد قوليه في الجديد وجوب المباناة والمحافرة .
فإن أعسر بها الممتنع وأنفق الطالب ، رجع عليه عند يساره بما أنفق إذا كان قد أنفق بحكم حاكم .
وإن كان بغير حكم حاكم فعلى ما ذكرنا من الوجهين .
وذهب سائر أصحابنا إلى أنه لم يرد بذلك الإجبار على المباناة والمحافرة ، وإنما هو محمول على قوله في الجديد مع سقوط الإجبار في ذلك على أحد أمرين :
إما أن يكون صاحب السفل قد أذن لصاحب العلو أن يبني ليرجع عليه بما أنفق ، فلصاحب العلو أن يرجع عليه عند يساره ، بما أنفق ، لأنه أنفق بإذنه ونائبا عنه .
أو يكون صاحب العلو والسفل اتفقا على الهدم ليبنيا ذلك من بعد ، فإذا هدماه أجبر صاحب السفل على البناء ، قولا واحدا نص عليه في الأم .
ومن أصحابنا من كان يخرج الإجبار في هذا على قولين كالذي مضى ، وليس بصحيح ، بل يجبر على ذلك في القولين معا ، لأنهما لما اصطلحا على الهدم والبناء صار البناء مضمونا عليه بالشرط الذي التزمه ، فوجب أن يجبر عليه ليفي بشرطه .
فلو أعسر بالبناء ، كان لصاحب العلو أن يبني ليرجع على صاحب السفل بما أنفق في بناء السفل ، فيكون الذي نص عليه في كتاب الدعوى على أبي حنيفة هو ما ذكرنا .