الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص393
موجود بعد انكسار الجذع ، فأما إذا أخذ منه على وضع أجذاعه عوضا فلا يصح إلا بعد معرفة عدد الأجذاع وطولها وامتلائها وموضعها من الحائط وقدر دخولها فيه .
لأن المعاوضة تحرس من الجهالة ثم اختلف أصحابنا فيه إذا انتفت الجهالة عنه هل يكون بيعا أو إجارة ، على وجهين :
أحدهما : يكون بيعا وهذا قول أبي حامد المروروذي . فعلى هذا يصح على التأييد من غير اشتراط مدة فيه ومتى انهدم الحائط ثم بني أعيد وجها واحدا . بخلاف العارية التي لا يمنع من صحتها الجهالة بمدة منفعتها .
والوجه الثاني : وهو عندي أصح أنه يكون إجارة ولا يكون بيعا .
لأنه عقد على منفعة لا عين . فعلى هذا لا يصح إلا باشتراط مدة معلومة تتقدر بها المنفعة ويؤخذ بقلع ذلك عند انقضائها .
وعلى الوجهين معا أن قدر ذلك بمدة صح وكانت إجارة ، وهكذا لو صالحه على إجراء مسيل ماء في أرضه فلا بد من تعيين موضعه وتقدير طوله وعرضه ثم إن قدر بمدة صح وكانت إجارة وإن لم يقدره كان على وجهين .
أحدهما : أنه يكون بيعا لما حد من الأرض لإجراء الماء فيه على التأييد .
والثاني : يكون باطلا إذا قيل أنه يكون إجارة .
وأما إن صالحه على سقي ماشيته من عين أو بئر مدة معلومة لم يجز لأن قدر ما تشربه الماشية مجهول . وهكذا الزرع ولكن لو صالحه على نصف العين أو ثلثها جاز وكان بيعا لا يحتاج إلى تقدير المدة فيه لأنه عقد على عين . ولو قدره بمدة خرج عن البيع إلى الإجارة فكان باطلا لأن إجارة عين الماء منها لا يجوز .
قال الماوردي : وهذا كما قال : إذا كان الحائط بين شريكين لم يكن لأحدهما أن يفتح فيه كوة ولا يضع فيه جذعا ولا يسمر فيه وتدا إلا بإذن شريكه .
وجوز العراقيون لأحد الشريكين أن يفعل في الحائط ما لا يضر به من فتح كوة وإيتاد وتد اعتبارا بالعرف المعتاد فيه بين الناس وهذا خطأ لأمرين :
أحدهما : أن تفرد أحدهما بالتصرف في ذلك غير جائز .