الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص392
ولو صالحه من وضع الأجذاع على عوض لم يجز لوجوب ذلك عليه ومن وجب عليه حق لم يجز أن يعتاض عليه .
ولو انهدم الحائط لم يلزم مالكه أن يبنيه إلا باختياره .
فإن بناء كان للجار أن يعيد أجذاعه فيه .
ولو أراد الجار بناء الحائط عند امتناع صاحبه من بنائه كان له ذلك ليصل بذلك إلى حقه من وضع أجذاعه فيه ، وإذا قلنا بقوله في الجديد إن ذلك ليس بواجب وهو القول الصحيح .
فليس للجار أن يضع أجذاعه في الجدار إلا بإذن مالكه واختياره ويجوز للمالك أن يأذن له فيه بعوض وغير عوض ، لأن ما لا يملك عليه يجوز أن يعاوض عليه إذا كان معلوما ، فإن أذن فيه بغير عوض كانت عارية وجاز أن لا يشترط عدد الأجذاع ولا يعلم طولها ولا موضع تركيبها ، لأن الجهل بمنافع العارية لا يمنع من صحتها .
ثم ليس له أن يرجع في العارية ما بقي الحائط لأن موضع الأجذاع يراد للاستدامة فكان إطلاقه الإذن محمولا عليه . كمن أعار أرضه لدفن ميت لم يكن له الرجوع في عاريته وإخراج الميت منها بعد دفنه ولكن لو انهدم الحائط وأعاده مالكه فهل لصاحب الأجذاع أن يعيد وضعها فيه بالإذن المتقدم أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : له ذلك لأنه صار مستحقا على التأييد كما لو كان الأول باقيا .
والوجه الثاني : وهو أصح ليس له ذلك إلا بإذن مستحدث . لأن حكم العارية قد انقطع بانهدام الحائط ، ولأنه إنما استحق تأييد ذلك لما في نزعها من الأضرار به وقد لحقه ذلك بانهدامه . ولكن لو أعار أرضا لدفن ميت فنبشه سبع أعيد دفنه فيها من غير إذن ستحدث وجها واحدا .
ولو أكله السبع لم يجز أن يدفن غيره فيها إلا بإذن جديد لذهاب من كان مستحقا لمنفعة العارية .
ولو كان قد أذن له في وضع جذع في حائطه فانكسر الجذع كان له إعادة غيره .
والفرق بينه وبين الميت أن المنع من الرجوع في عارية القبر لحرمة الميت . فإذا أكله السبع انقضت حرمته عن المكان .
والمنع من الرجوع في موضع الأجذاع لما يلحقه من الضرر بانهدام السقف وهذا