پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص391

والوجه الثاني : أنهما فيها سواء كوضع الجذوع .

وهذان الوجهان من اختلاف أصحابنا فيمن أقر لرجل بحائط هل يدخل قراره في إقراره . أو باع حائطا هل يدخل قراره في بيعه على وجهين .

( فصل )

فأما قول الشافعي رضي الله عنه لأن الرجل قد يرتفق بجدار الرجل بأمره وغير أمره .

فقد روي في القديم حديث عن أبي هريرة أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ لا يمنع أحدكم جاره أن يضع خشبة في جداره ‘ قال أبو هريرة ما لي أراكم عنها معرضين . والله لأرمينها بين أكتافكم .

فكان يذهب في القديم إلى أن للجار أن يضع أجذاعه في جدار جاره جبرا بأمره وغير أمره . وبه قال مالك تعلقا بهذا الحديث .

ثم رجع عنه في الجديد وقال ليس له أن يضع أجذاعه في جدار جاره إلا بأمره كما ليس له أن يتصرف في غير ذلك من الأملاك التي لجاره إلا بأمره .

ولأن الشريك في الملك أقوى من جار الملك وليس لأحد الشريكين أن ينفرد بالتصرف ، فالجار أولى ، وهذا قول أبي حنيفة . فعلى هذا يكون حديث أبي هريرة محمولا على أحد وجهين : –

أحدهما : أن يحمل على الاستحباب والندب لا على الوجوب والحتم .

والثاني : أنه محمول على الجار ليس له منع صاحب الحائط من وضع أجذاعه في حائطه وإن كان مضرا بالجار في منع ضوء أو إشراف ليكون موافقا للأصول .

فإن قيل لم قال الشافعي في القديم لأن الرجل قد يرتفق بجدار الرجل بأمره وغير أمره وهو في الجديد لا يقول هذا ، قلنا فيه تأويلان :

أحدهما : بأمره يعني مجاهرا وبغير أمره يعني ساترا .

والثاني : بأمره يعني باختياره وبغير أمره يعني بإجبار من يرى ذلك من القضاة والحكام . فإذا تقرر ما ذكرنا فإن قلنا بوجوب ذلك عليه على مذهبه في القديم لم يكن له منع جاره من وضع أجذاعه في جداره . وكان للجار أن يضع في الجدار ما احتمله من الأجذاع