الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص389
فأما الجواب عن الخبر فهو أنه ضعيف لأن راويه دهثم بن قران وهو مرغوب عنه . فإن صح لم يكن فيه دلالة . لأنه لم يجعل معاقد القمط علة في الحكم وإنما جعل تعريفا لمن حكم له كما لو قيل حكم للأسود لم يدل على أن السواد علة للحكم وإنما يكون سمة وتعريفا لمن وجب له الحكم . وأما ادعاؤهم العرف لمعتاد فيه فغير صحيح لما ذكرنا من اختلاف الأغراض فيه .
قال الماوردي : وهذا كما قال : إذا تنازع الجاران حائطا بينهما وكان لأحدهما عليه جذوع فهما فيه سواء .
قال أبو حنيفة : صاحب الجذوع أحق به إذا كانت جذوعه ثلاثة فصاعدا فإن كانت أقل من ثلاثة وكان بدل الجذوع متصلا فيهما فيه سواء استدلالا بأن وضع الجذوع أوكد من اتصال البناء . لأن وضع الجذوع يثبت يدا وارتفاقا . واتصال البناء يثبت أحدهما وهو الارتفاق دون اليد فلما كان اتصال البناء إلا على الملك كان وضع الجذوع أولى بأن يدل على الملك .
ولأن وضع الجذوع تصرف في الملك فوجب أن يكون دالا على الملك كالأزج والقبة .
ولأن وضع الجذوع هو تركيب على الحائطين يجري مجرى ركوب الدابة وقد ثبت أن دابة لو تنازعها راكبها وأخذ بلجامها كان راكبها أحق بها ممن هو آخذ بلجامها فكذلك الحائط إذا تنازعه صاحب الجذوع وغيره . كان صاحب الجذوع أحق .
والدلالة على صحة ما ذهبنا إليه هو أن كل ما لم يكن قليله دالا على الملك لم يكن كثيره دالا على الملك كالقصب والرفوف .
ولأن ما أمكن أحداثه بعد كمال البناء لم يكن دالا على ذلك البناء كالجص والنقش .
ولأنه لو كان بين صاحب الأجذاع والحائط طريق نافذة كالساباط لم يكن وضع أجذاعه فيه دليلا على ملكه له ، كذلك إذا اتصل بملكه .
لأن وضع الجذوع لو كان يدا لاستوى الأمران في الاتصال بالملك والانفصال عنه . ولأن وضع الأجذاع في الحائط قد يكون بالملك تارة وبالإذن أخرى وبالحكم على ما نذكره