الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص384
أما إذا رهنه فقد اختلف أصحابنا فيه ، فمنهم من أجرى الرهن مجرى البيع فعلى هذا يخرج على قولين : –
ومنهم من أجري ذلك مجرى الإجارة لأنه في الحال متوجه إلى المنفعة ، فعلى هذا يكون باطلا قولا واحدا فأما إذا وهبه ففيه قولان كالبيع سواء .
قال الماوردي : وهذا كما قال : إذا مات العبد الذي صالحه على الدار بخدمته سنة لم يخل حال موته من ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يموت في الحال قبل مضي المدة أو شيء منها فالصلح قد بطل لتلف العوض فيه قبل قبضه كتلف الثمن المعين قبل القبض ، وللمصالح أن يرجع بالدار كما يرجع البائع بالبيع .
والحال الثانية : أن يموت بعد مضي السنة كلها فالصلح قد تم وحكمه قد انبرم وموت العبد غير مؤثر فيه لاستيفاء المعقود عليه قبل موته .
والحالة الثالثة : أن يموت بعد مضي بعض المدة وبقاء بعضهما فالصلح قد بطل فيما بقي من المدة لفوات قبضه بالموت ، وأما فيما مضى من المدة المستوفاة فهو على اختلاف أصحابنا في الفساد في بعض الصفقة إذا طرأ بعد العقد هل يجري مجرى الفساد المقارن للعقد .
فذهب أبو إسحاق المروزي أنه يجري مجرى الفساد المقارن للعقد ، فجعل بطلان الصلح فيما مضى من المدة على قولين من تفريق الصفقة .
أحدهما : قد بطل الصلح فيما بقي ووجب على المصالح أجره ما استخدم فيما مضى من المدة وله استرجاع الدار .
والقول الثاني : لا يبطل لكن يكون بالخيار بين الفسخ والمقام فإن فسخ رجع بالدار وغرم أجرة ما مضى من المدة ، فإن أقام فعلى قولين :
أحدهما : يقيم عليه بجميع الصلح .
والثاني : بحسابه وقسطه .
وقال جمهور أصحابنا إن الفساد الحادث بعد العقد مخالف للفساد المقارن للعقد لسلامة الصفقة عند عقدها . فيكون الصلح فيما مضى من المدة جائزا قولا واحدا .