الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص381
ألا ترى أن رجلا لو أقر أن الدار التي في يد فلان مغصوبة من فلان لم يلزمه إقراره فلو صارت الدار إليه ببيع أو هبة أو ميراث لزمه إقراره ووجب عليه تسليم الدار إلى من أقر بغصبها منه فأما إن لم يكن مدعي النصف صدق أخاه في دعواه فله أن ينفرد بجميع الدار ولا حق فيها لأخيه إلا أن يستأنف الدعوى عليه فيصير خصما له فيها .
فإن قيل : فهو إنما ادعى النصف فكيف يجوز أن يدفع إليه الكل ويزاد على ما ادعاه قيل قد اختلف أصحابنا .
فكان بعضهم لأجل هذا السؤال يقول : إن المسألة مقصورة على أنه ادعى نصفها ملكا وباقيها يدا . فإذا أقر له بالجميع دفع إليه بدعوى الملك واليد ولو لم يدع هذا لم يدفع إليه إلا النصف .
وقال جمهور أصحابنا : بل يدفع إليه جميعها وإن لم يدع سابقا إلا نصفها لأنه ليس بمنكر أن يكون له جميع الدار فيدع نصفها لأمور :
منها : أن يكون نصفها مصدق عليه فلم يدعيه ونصفها منازع فيه فادعاه .
ومنها : أن يكون له بنصفها بينة حاضرة وبنصفها بينة غائبة فيدعي نصفها لتشهد به البينة الحاضرة ويؤخر الدعوى في النصف الآخر إلى أن تحضر البينة الغائبة .
ومنها : أن يدعي ما لا منازعة له فيه استثقالا للخصومة وهي تأخير النزاع .
فلهذه الأمور صح إذا ادعى النصف أن يدفع إليه الجميع .
قال الماوردي : وهذا صحيح إذا ادعى عليه دارا في يده فأقر بها ثم صالحه منها على عبد فاستحق العبد فذلك ضربان :
أحدهما : أن يكون العبد معينا فالصلح باطل كما لو ابتاع دارا بعبد فاستحق العبد . وله أن يرجع بالدار كما يرجع به البائع .
إلا أن يستأنف صلحا ثانيا وكذا لو كان العبد مرهونا أو مكاتبا أو مات قبل قبضه .
ولا يبطل الصلح لو كان مدبرا أو موصى بعتقه أو معتقا بصفة .
والضرب الثاني : أن يكون العبد غير معين موصوف في الذمة ، فالصلح لا يبطل باستحقاقه وعليه أن يأتي بعبد على مثل صفته كما لو استحق العبد المقبوض في المسلم .