پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص376

فإن قيل أليس الإنسان ممنوع من وضع ساريه في الطريق وبناء دكه وإن كان ذلك مرفقا والعمل به جاريا فكذلك الجناح .

قيل السارية والدكة مضر بالناس لما فيه من تضايق الطريق عليهم .

ولأنهم ربما ازدحموا فأضر بهم أو سقط عليه ضرير لا يبصر فتأذى وليس كذلك الجناح في الهواء ، فأما إن كان الجناح مضرا بالمارة والمجتازين قلع ، ولم يقر ، وأمر الإمام بهدمه وإن لم يختصم الناس إليه فيه .

وقال أبو حنيفة : إن خوصم فيه إلى الإمام قلعه ، وإن لم يخاصم تركه لأن الإمام حاكم وليس بخصم ، والحاكم لا يحكم إلا لطالب وهذا الذي قاله خطأ لأمرين :

أحدهما : أن الإمام مندوب لإزالة المنكر والنيابة عن كافة المسلمين في أبواب المصالح فوجب أن ينفرد بإزالة المنكر .

والثاني : أن ما يجوز إقراره لا يفتقر إلى الرضا به في الترك وكذا ما لا يجوز إقراره لا يفتقر إلى إنكاره في القلع . وليس هذا من طريق الحكم فلا يحكم إلا لخصم لأن الخصم فيه لا يتعين فإنما كافة الناس فيه شرع واحد .

فإذا وجب قلعه فبذل صاحبه مالا صلحا على تركه لم يجز لأمرين :

أحدهما : أنه صلح على إقرار منكر .

والثاني : أنه صلح على الهوى .

فأما حد ما يضر مما لا يضر فمعتبر بالعرف والعادة ومختلف باختلاف البلاد .

وقال أبو عبيد بن حربويه من أصحابنا : حد الضرر أن لا يمكن الفارس أن يحتاز تحته برمح قائم وحكي نحوه عن شريح .

وهذا التحديد ليس بصحيح لأن الرماح مختلفة في الطول والقصر . ولأن هذا يؤدي إلى أن لا يخرج أحد جناحا لأن الرمح قد يعلو على المنازل في أكثر البلاد .

ولأنه لا مضرة على صاحب الرمح في الاجتياز برمحه مائلا . وإذا كان كذلك وجب أن يعتبر ذلك بحسب البلاد .

فإن كان البلد قد تجتاز في طرقه الجمال التي عليها الكبائس والعماريات وذلك أعلى ما يجتاز في الطرقات فحد الإضرار أن لا يمكن اجتياز الكبائس والعماريات تحته وإن أمكن اجتيازها فليس بمضر .