الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص367
والثاني : أنه عام وهذا قول من جعله أصلا بذاته .
فأما الصلح الذي يحرم الحلال فهو : أن يصالحه على دار على أن لا يسكنها ، أو يصالح زوجته على أن لا يتزوج عليها ، أو على أن لا يطلقها فيحرم على نفسه بالصلح ما أحله الله تعالى له من السكنى والنكاح والطلاق .
وأما الصلح الذي يحل الحرام فهو : أن يصالحه من الدراهم على أكثر منها ، أو على دنانير مؤجلة أو على خمر أو خنزير .
فيستحل بالصلح ما حرم عليه من الربا والخمر والخنزير .
قال الماوردي : وهذا صحيح وجملة الصلح ضربان : معاوضة ، وحطيطة .
فأما المعاوضة : فهو أن يصالح على حقه من غير جنسه ، مثل أن يصالح على دراهم بدنانير أو دنانير بدراهم ، فهذا بيع يجري عليه حكم فإن كان مما يدخله الربا كالصلح على الدراهم بالدنانير أو على البر بالشعير لزم فيه القبض قبل الافتراق ودخله خيار المجلس دون خيار الشرط .
وإن كان مما لا ربا فيه جاز في الافتراق قبل القبض وثبت فيه خيار المجلس وخيار الثلاث . وصح فيه دخول الأجل وأخذ الرهن فيه فيعتبر في صحته وفساده ما يعتبر في صحة البيع وفساده وهو الذي بدأ به الشافعي .
وأما الحطيطة فهو أن يصالحه من حقه على بعضه وذلك ضربان :
أحدهما : أن يكون الحق في الذمة .
والثاني : أن يكون عينا قائمه .
فإن كان الحق في الذمة فصورته : أن يدعي عليه مائة دينار فيعترف بها فيصالحه منها على خمسين دينارا فهذا يكون إبراء .
فإن حط الباقي بعد الخمسين بلفظ الإبراء فقال قد صالحتك على خمسين دينارا وأبرأتك من الباقي صح . إلا أن يخرج الإبراء مخرج الشرط فيقول : إن أعطيتني خمسين دينارا فقد أبرأتك من الباقي . أو يقول قد أبرأتك من خمسين دينارا إن دفعت إلي خمسين دينارا فلا يصح هذا الإبراء .