الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص358
لأن الله تعالى فقد نهى عنهما فقال : ( ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط ) [ الإسراء : 29 ]
وذهب سائر أصحابنا إلى أنه لا حجر عليه ، لأن الحجر يفيد جمع المال وإمساكه لا إنفاقه .
وليس كل منهي عنه يوجب الحجر . فمن قال بإيجاب الحجر عليه لم يمنع من عقوده ولا كفه عن التصرف في ماله . ولكن ينفق عليه جبرا بالمعروف من ماله إلا أن يخاف عليه إخفاء ماله لعظم شحه فيمنع من التصرف فيه .
وحجر السفه أعم من حجر الفلس لأن حجر الفلس يختص بماله دون عقوده التي لا تعلق لها بماله وحجر السفه عام في جميع عقوده . فيقول في السفه قد حجزت على فلان بخلاف الفلس في الوجهين الماضيين لأن لفظ الحجر أعم .
فإذا حجر عليه قولا على ما مضى أشهد على نفسه بالحجر عليه . وهل ذلك شرط في ثبوت الحجر عليه أم لا على وجهين :
أحدهما : لا يفتقر إلى الشهادة لأن الحجر حكم وثبوت الحكم لا يفتقر إلى الإشهاد كسائر الأحكام .
والوجه الثاني : وبه قال أبو علي بن أبي هريرة أن الحجر لا يصح إلا بالإشهاد عليه لأن المقصود بالحجر إظهار منعه من التصرف في ماله ليتحفظ الناس من معاملته وهذا المعنى لا يحصل إلا بالإشهاد .
فعلى هذا لا يتم الحجر قبل الإشهاد . ويكون جائز التصرف فإذا أشهد فقد تم الحجر . ويختار له بعد الإشهاد أن ينادي في الناس بإيقاع الحجر عليه ليكون أشهر لأمره .