پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص356

عقدته ضعف فدعاه النبي ( ص ) فنهاه عن البيع فقال يا رسول الله لا أصبر عنه ، فقال : إن كنت غير تارك فقل لا خلابة . فدل هذا الحديث على استحقاق الحجر على البالغ من وجهين :

أحدهما : أنه حجر عليه حجر مثله بأن أثبت له الخيار في عقوده ولم يجعلها منبرمة .

والثاني : سؤالهم الحجر عليه وإمساك النبي ( ص ) عن الإنكار .

وروي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ خذوا على أيدي سفهائكم ‘ ولا يمكن الأخذ على أيديهم إلا بالحجر عليهم .

وروي أنه ( ص ) : حجر على معاذ لأجل غرمائه فكان الحجر على السفيه لحق نفسه أولى ، ولأنه إجماع الصحابة ، وهو ما روي أن عثمان بن عفان رضي الله عنه مر بأرض سبخة فقال : لمن هذه ؟ فقالوا : كانت لفلان واشتراها عبد الله بن جعفر بسنين ألف درهم فقال : ما يسرني أن تكون لي بنعلين . ثم رأى علي بن أبي طالب فقال : لم لا تقبض على يد ابن أخيك وتحجر عليه ، فعلم عبد الله بن جعفر بذلك فلقي الزبير بن العوام وذكر له الحال فقال شاركني فيها فشاركه ثم أقبل علي إلى عثمان رضي الله عنهما يسأله الحجر على عبد الله فقال عثمان : كيف أحجر على من شريكه الزبير .

وكان معروفا بالإمساك والاستصلاح فصارت شركته شبهة تنفي استحقاق الحجر فكان ذلك منهم ومن باقي الصحابة في إمساكهم إجماعا منعقدا على استحقاق الحجر على البالغ وروي عن عبد الله بن الزبير أنه لما بلغه عن عائشة رضي الله عنها أنها تبذر مالها في العطايا والصلاة والصدقات فقال : لتنتهين عائشة أو لأحجرن عليها فبلغ ذلك عائشة فحلفت أن لا تكلمه حتى ركب إليها فاعتذر لها وكفرت عن يمينها وكلمته . فدل على أن الحجر على البالغ مشهور ، فيهم وإن كان ابن الزبير وهم في موجبه لأن عن من صرف ماله في القرب لم يستحق به الحجر .

وقد روي أن مروان بن الحكم راسل عائشة رضي الله عنها بمثل ذلك ولأن عدم التدبير ووجود التبذير يوجب ثبوت الحجر كالصغير : ولأن ما يستدام به الحجر لاستدامته وجب إذا طرأ أن يبتدئ الحجر به كالجنون .

فأما الجواب عن قولهم أنه تعالى أمر بالإنفاق في الآيتين المذكورتين . فهو أنه أمر بالإنفاق في الطاعات دون التبذير والإنفاق في المعاصي لأنه لا يجوز أن يأمر بما نهى عنه ودل على قبحه ، وكذا الجواب عن الخبر .

وأما الجواب عن قوله ( ص ) : ‘ لا حجر على حر ‘ . فحديث مرسل ولو صح لاحتمل حجر حجر عليه بغير حكم . وأما قياسهم على الرشيد فالمعنى فيه فيه وجود الإصلاح منه .