پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص349

عاقلا أولى بفك الحجر عنه ؛ ولأن اليتيم محجور عليه في ماله ونكاحه فلما انفك الحجر عن نكاحه إذا بلغ عاقلا . وجب أن يفك الحجر عن ماله إذا بلغ عاقلا .

والدلالة على ما قلناه : قوله تعالى : ( حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ) [ النساء : 6 ] فأمر بدفع أموالهم إليهم بشرطين : البلوغ والرشد .

فلم يجز أن يدفع إليهم بوجود البلوغ دون الرشد كما لا يجوز أن يدفع إليهم بوجود الرشد دون البلوغ فمن لم يكن مصلحا في دينه لا ينطلق اسم الرشد عليه .

فإن قيل : فالرشد هو العقل كان الجواب عنه من وجهين :

أحدهما : أن الرشد عرفا مستعملا في صلاح الدين والمال فلم يجز أن يحمل على العقل وإن كان بعض شرائط الرشد .

والثاني : أنه أمر باختباره قبل الرشد ومن لا عقل له لا يحتاج إلى اختبار لظهور أمره فكان حمله على من يشتبه أمره ليحتاج إلى اختبار أولى وروي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ اقبضوا على أيدي سفهائكم ‘ .

والعادم للرشد سفيه فوجب أن يكون مقبوضا على يده ممنوعا من تصرفه في ماله ولأنه بلغ غير رشيد فوجب أن يمنع من ماله كالمجنون أو المبذر قبل الخمس والعشرين . ولأنه ممنوع من ماله فوجب أن لا ينفذ تصرفه كالصغير ، ولأنه يملك ما ندب إليه من صلاحي رشده وهما صلاح نفسه بالدين وصلاح ماله بالقصد فلما كان صلاح ماله بالبلوغ معتبرا فأولى أن يكون صلاح نفسه معتبرا . فأما الآية فقد جعلناها دليلا لنا وما حملوها عليه مما انطلق عليه اسم رشد . ‘ ما ‘ غير صحيح ؛ لأن التلفظ بالشهادتين رشد ودفع الأذى من الطريق رشد . وذلك مما لا يستحق به فك الحجر .

وكذلك ما ذكروا لا يكون رشدا مطلقا والسفيه ليس برشيد لقوله تعالى : ( ولا تؤتوا السفهاء أموالكم ) [ النساء : 5 ] .

وأما قياسهم على الرشيد فالمعنى فيه الإصلاح في الدين والمال .

وما ذكروه من النكاح ‘ والمال ‘ فهما سواء متى لم ينفك الحجر عن ماله لم ينفك عن نكاحه . وأما الكافر فهو رشيد في دين نفسه ، لأن الرشد هو أن ينتهي عما يعتقد تحريمه ويفعل ما يعتقد حسنه ووجوبه ، ولا اعتبار في رشده بما يعتقده الغير من قبح وحظر فكان اسم