الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص337
يحلفه لجواز أن يكون له مال فإن حلف أطلقه وإن نكل فعلى وجهين حكاهما ابن أبي هريرة : أحدهما يطلقه بالبينة التي هي ظاهر حاله . الوجه الثاني أن يترك محبوسا حتى يحلف . والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا كما قال إذا أطلق حجر المفلس بعد ثبوت إعساره كان تصرفه فيما أفاد من كسبه وملك من مال جائزا وكانت عقوده ماضية وعتقه نافذا وهبته جائزة وإبراؤه صحيحا وإقراره لازما لأنه عاد بعد فك الحجر عنه إلى حاله قبل وقوع الحجر عليه فلما صح ذلك منه قبل وقوع الحجر وجب أن يصح بعد ارتفاع الحجر عنه فإن سأل الغرماء أن يستأنف له حجرا ثانيا جاز أن يحجر عليه ثانية إذا حدث ما يوجب الحجر ويمنع من التصرف بعد الحجر الثاني كما كان ممنوعا منه بعد الحجر الأول ويستأنف قسمة ماله على من بقي من غرمائه المتقدمين وعلى من استحدث من الغرماء المتأخرين ويكون جميعهم أسوة في ماله بقدر ديونهم . وقال مالك : يقع الحجر عليه لغرمائه المتأخرين ويختصون بماله دون المتقدمين لأن الظاهر من حال ما حدث بيده أنه مال من حدث من غرمائه فوجب أن يكونوا أحق به . وهذا ليس بصحيح ، لاستواء الجميع في ثبوت حقوقهم في ذمته فلم يكن للمتأخرين مزية على المتقدمين كالحجر الأول لا يكون لمن كان ثبوت حقه أقرب فصلا على من كان ثبوت حقه أبعد فهذا يفسد ما استدل به ولو جاز أن يكون لأحد الحقين فضل على الآخر لكان تقديم المقدم أولى لسبقه .
قال الماوردي : وهذا صحيح إذا أراد من عليه الدين المؤجل أن يسافر لم يكن لصاحب الدين منعه ولا أن يطالبه برهن ولا كفيل سواء كان السفر قريبا أو بعيدا وسواء كان الأجل طويلا أو قصيرا حتى لو كان الباقي منه يوم أو بعضه لم يكن له عليه اعتراض فإن تعرض لمنعه منعه الحاكم منه . وقال مالك : له أن يطالبه إذا أراد السفر برهن أو كفيل فإن أعطاه بدينه رهنا أو كفيلا وإلا كان له يمنعه من السفر قال : لأنه إذا حل الدين وهو غائب لم يقدر على الوصول إليه . ودلينا : أن كل ما لم يستحق مطالبة المقيم به لم يستحق مطالبة المسافر به كالأداء ، ولأن كل دين لا يستحق أداؤه لا يستحق التوثق به كالحاضر ، ولأنه لو جاز