پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص336

نظر في شهادتهم فإن شهدوا له بملك ذلك المال لم يحتج الحاكم إلى سؤاله وقسمه بين غرمائه فإن شهدوا بأنهم رأوا المال في يده ولم يشهدوا له بملك سئل المفلس عنه فإن ادعا إما ملكا لنفسه قسمه الحاكم بين غرمائه وأن لم يدعه ملكا سئل عن مالكه فإن لم يذكره أحلف الغرماء واستحقوا حبسه دون أخذ المال واستكشف الحاكم عن حاله حتى يبين فإن ذكر مالك المال وقال هو مضاربة أو وديعة لفلان فلا يخلو حال فلان المقر له بالملك من أن يكون حاضرا أو غائبا فإن كان غائبا فالقول فيه قول المفلس مع يمينه فإن حلف فهو على إطلاقه وإن نكل ردت اليمين على الغرماء فإن حلفوا لم يحكم لهم بالمال ولكن يحبس لهم المفلس حتى ينكشف أمره لأنه قد يحتمل أن يكون صادقا ويحتمل أن يكون كاذبا . فإن كان المقر له بالمال حاضرا سئل عنه فإن أنكر وأكذب المفلس في إقراره نزع المال من يده وقسم بين غرمائه وحبس لهم به وإن صدقه واعترف به فهل يجب على المفلس فيه اليمين أم لا ؟ على وجهين :

أحدهما : عليه اليمين لاحتماله كما لو أقر به الغائب .

والثاني : لا يمين عليه لأنه لو رجع عن إقراره لم يقبل فلم يكن لزجره باليمين تأثير . والله أعلم .

( مسألة )

قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ ولا غاية لحبسه أكثر من الكشف عنه فمتى استقر عند الحاكم ما وصفت لم يكن له حبسه ولا يغفل المسئلة عنه ‘ .

قال الماوردي : وهذا كما قال إذا حبس المفلس لغرمائه لعدم البينة بعسرته استكشف الحاكم أمره ولم يجز أن يعقله . وقال مالك : يجب أن يعقله حتى تقوم البينة بعسرته ولا يجوز أن يتولى الحاكم الكشف عن حاله لأن ذلك ميل وإسقاط الحق . وهذا ليس بصحيح . لأن الحاكم لا يلزمه استيفاء الحق بل يلزمه رفع الظلم وحبس المفلس إن كان معسرا ظلم والمحبوس لا يقدر على إقامة البينة فلزم الحاكم أن يتولى الكشف عن حاله ليقر الحق مقره وإذا كان كذلك فمتى قامت عنده البينة بإعساره بعد الكشف عن حاله وجب إطلاقه في الحال من غير أن ينتظر به بقضي مدة وقال أبو حنيفة فيما رواه محمد عنه : يحبس ستة أشهر ثم يخلى . وروى الحسن بن زياد : أنه يحبس أربعة أشهر ثم يخلى . وروى غيرهما : أنه يحبس أربعين يوما ثم يخلى . وكل هذا فاسد لقوله تعالى : ( وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة ) [ البقرة : 280 ] ولأن كل موضع دلت البينة على صدق المدعي لم يجز تأخيرها عن تأخير الحكم بها كسائر الدعاوي . ولأنه لما كان قيام البينة بعسرته قبل الحبس توجب تركه في الحال كذلك بعد الحبس فإذا ثبت أنه يطلق في الحال عند قيام البينة بعسرته فإن الحاكم