الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص334
ثم يدل على جواز الحبس أيضا ما روي أن النبي ( ص ) ‘ حبس رجلا يوما وليلة في تهمة ‘ فلما جاز حبسه في تهمه لم تثبت عليه فأولى أن يجوز حبسه في دين ثبت عليه ، ولأن الحبس يتوصل به إلى استيفاء الحق وما لا يتوصل إلى استيفاء الحق إلا به كان مستحقا كالملازمة فإذا ثبت أنه يحبس بدينه – فإذا اتفق غرماؤه على حبسه حبس وإن اتفقوا على تركه أطلق وإن اتفقوا على ملازمته دون حبسه لوزم ، لأن الملازمة أقل ضررا من الحبس فأما إن سأل بعض غرمائه حبسه ورضي الباقون بإطلاقه وجب أن يحبس لمن سأل حبسه – ولو كان واحدا وأقل جماعتهم حقا – وقال مالك : لا يجوز أن يحبس لبعضهم إذا أطلقه الباقون حتى يجتمعوا على حبسه . وهذا خطأ ، لأن حبسه مستحق في دين كل واحد منهم فلم يجز أن يسقط حق واحد منهم بعفو غيره كاليمين .
أحدهما : يمنع ، لأن في تركه وعمله تأخير أمره ويطاول ، حبسه اتكالا على عمله .
والوجه الثاني : وهو الصحيح أنه لا يمنع من العمل لأنه كسب يفضي إلى قضاء الدين – ولا يلزم إخراجه إلى الجمع والجماعات ولا يكون عاصيا بتأخره عنها إذا كان معسرا ولا يلزمه الاستئذان في الخروج إلى الجمعة إذا علم بشاهد الحال وغالب العادة أنه لو استأذن لم يؤذن له . وأوجب عليه بعض الفقهاء استئذان المانع في كل جمعة فإن منعه امتنع ، لأن ابن سيرين حبس في ثمن زيت كان عليه فكان يغتسل في كل جمعة ويلبس ثيابه ويستأذن فإذا منعه السجان رجع ولو استأذن صاحب الدين كان حسنا وأما إذن السجان فلا يؤثر ولو تمكن من الخروج إلى الجمعة لم يتأخر .