الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص328
قال الماوردي : وهذا كما قال يباع على المفلس في دينه مسكنه وخادمه وإن كان إليهما محتاجا . وقال أحمد وإسحاق : لا يجوز بيعها عليه . ورووا عن عمر بن عبد العزيز تعلقا بحديث عبد الله بن عمر أن النبي ( ص ) قال : ‘ حظ ابن آدم من الدنيا ثلاث خرقة تواريه وكسوة تكفيه ومسكن يؤويه ‘ قال ابن عمر : وأنا أزيد فيه وزوجة يسكن إليها . قالوا : ولأنه لما لم يجز بيع ثيابه التي عليه لحاجته إليها لم يجز بيع مسكنه وخادمه لحاجته إليهما قالوا ولأنه لما كان كالمعسرين في الكفارة وكالفقراء في أخذ الزكاة فكذلك في المفلس ودليلنا قوله ( ص ) لغرماء معاذ : ‘ خذوا ما وجدتم ليس لكم غيره ‘ . ولأنه لا حاجة به إلى تملك المسكن والخادم لأنه قد يقدر على مسكن يكرى وخادم بأجرة وبذلك قد جرت العادة وهي معنى قول الشافعي : لأن من ذلك بدا . أي من ملك المسكن دون سكناه ومن ملك الخادم دون استخدامه وإذا كان عن ذلك مستغنيا وجب بيعه عليه كسائر أمواله ولأنه لما بيع عليه ضياعه وإن كان محتاجا إلى استغلالها جاز أن يباع عليه داره فإن كان محتاجا إلى سكناها فأما الجواب عن الخبر فهو أنه وارد في غير المفلس لأنه قال : ‘ حظ ابن آدم من الدنيا ثلاث ‘ . والمفلس ليس له في الدنيا حظ ولا ينزل عليه منها نصيب وأما ترك ثيابه عليه فلحاجته إليها وإن العادة لم تجر بإجارتها وهي بإجارة الدور والخدم جارية وأما الكفارة فالفرق بينها وبين دين المفلس من وجهين :
أحدهما : أنها حق لله تعالى يتسع للمسامحة فلم يبع فيها المسكن والخادم والدين حق لآدمي يضيق عن المسامحة فبيع فيه المسكن والخادم .
والثاني : أن للكفارة بدلا من المال وهو الصيام فلم يبع عليه مسكنه لرجوعه إلى بدل وليس للمال في دين الآدمي بدل وأما أخذه للزكاة كالفقراء مع وجود الخادم والمسكن فالفرق بينهما أن المقصود بأخذ الزكاة الاستغناء بها فجاز أن يأخذها وإن كان له بعض الغناء وفي الفلس قضاء الدين فلم يجز أن يؤخر مع وجود بعض الغناء .
قال الماوردي : وصورتها في مفلس ادعى على رجل مالا وأقام على دعواه شاهدا فإن حلف مع شاهده وجب له المال وإن نكل وأجاب الغرماء إلى اليمين مع شاهده لعلمهم بصدقه وأن المال صائر إليهم ففيه قولان : وهكذا لو ادعى المفلس مالا ليس له به شاهد