الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص327
وإن لم يكن عليه كسوة أو كانت قد أخلقت اشتهى له من ماله كسوة مثله ولا يعتبر أن تكون كافية لمدة حجره كما اعتبرنا في الفوت لأمرين :
أحدهما : أن تبعيض القوت ممكن وتبعيض الكسوة على الزمان غير ممكن
والثاني : أنه لا بد بعد فك الحجر عنه أن يكون مستور العورة معرضا للكسب بما يتجمل به من ثياب فإن كان الزمان شتاء فكسوة مثله في الشتاء وإن كان صيفا فكسوة مثله في الصيف ولا يلزم أن يجمع له بين كسوة الشتاء والصيف .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، لأنه إنما يترك عليه ما لا غناء به عنه فإذا كانت ثيابه غوالي كثيرة الأثمان استغنى عنها بما هو أقل ثمنا منها فيباع عليه ويشتري له منها كسوة مثله التي لا يستغنى عنها ويقسم فاضل ثمنها بين غرمائه فلو كان قد كسى أقاربه قبل الحجر ثيابا غوالي وهي باقية عليهم لم يجز أن يستبدل بها ما هو أدون منها ، لأنها خارجة عن ملكه وإنما كان ذلك في كسوة نفسه لبقائها على ملكه .
قال الماوردي : وهذا صحيح إذا مات المفلس أو مات من أقاربه من تلزمه مؤونته وجب أن يقدم تكفينه ومؤونة دفنه من أصل ماله على سائر غرمائه لأنه لما قدم لمؤونته حيا فأولى أن يقدم بها ميتا ، ولأن النبي ( ص ) كان إذا حضر جنازة قال : ‘ هل على صاحبكم من دين ‘ فإن قالوا : نعم . قال : صلوا عليه ‘ ويمتنع من الصلاة عليه ، لأنه لم يترك وفاء لدينه مع علمه بأنه في كفن ولم يوجب بيعه في دينه فإذا ثبت أن يقدم تكفينه فهل يقتصر به في الكفن على ثوب واحد أو على ثلاثة أثواب على وجهين :
أحدهما : يكفن بثلاثة أثواب كما يكفن بها إذا كان حيا .
والوجه الثاني : يكفن في ثوب واحد ، لأن القدر الواجب وخالف الحي لأن الحي محتاج إلى التحمل لتعرضه للمكاسب . وأما الحنوط ففيه وجهان أحدهما أن يشتري من ماله العرق الجاري به والوجه الثاني لا يلزم ، لأنه جار مجرى الطيب فلم يكن في مال المفلس سعة له – وكذا الحكم في كفن من مات من أقاربه الذين تلزمه نفقاتهم فأما كفن زوجته فعلى وجهين أحدهما في ماله أيضا والثاني في مالها .