الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص318
يكون في ماله طعام رطب فيقدم بيعه على بيع الحيوان لما يعجل إليه من الفساد ثم يبيع الحيوان بعده ثم يبيع بعد الحيوان ما كان منقولا من العروض والأمتعة ويقدمها على ما لا ينقل من الدور والعقار ، لأن المنقول معرض للسرقة ويبدأ في بيع المنقول بما يخاف عليه الفساد كالثياب ويقدمها في البيع على النحاس والصفر ثم يتأنى في بيع العقار والأرضين حتى يظهر أمرها ويتأهب المشتري لها ويقدم بيع العقار على بيع الأرضين ، ولأن العقار قد يخاف عليه من هدم أو حريق ولا يباع العقار والمساكن والأرضون إلا أن يعلم أنها قد بلغت أثمانها وكذلك سائر أمواله المبيعة عليه . والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، لأن مال المفلس يلزم الاحتياط في حفظه فإذا وجد الحاكم أمينا يأخذ ثمن ما بيع من ماله مضمونا لم يجز أن يستودعه إياه مؤتمنا ، لأن ما أخذه قرضا وهو مضمون بالغرم إن تلف . وما أخذه وديعة فهو من مال المفلس إن تلف فكان القرض أحفظ له من الترك إلا أن لا يجد ثقة مليئا فتركه أولى فإن قيل قد قال الشافعي إن وجد من يسلفه المال حالا وهو لا يجيز القرض مؤجل فلم يكن لهذا الشرط تأثير ألا ترى أن جواز القرض مؤجلا ؟ قيل قد كان بعض أصحابنا يتعلق بهذه اللفظة من كلام الشافعي ويجيز القرض مؤجلا ، ويجعله للشافعي مذهبا ، وذهب سائر أصحابنا إلى تخطئة هذا القول وفساد مذهبه لأن نصوص الشافعي تبطله وأصول مذهبه تدفعه ، لأن من أصل مذهبه أن الأجل لا يلزم إلا في عقد لازم وليس القرض بلازم وتأولوا قول الشافعي رحمه الله : إن وجد من يسلفه المال حالا أنه أراد به الحاكم إذا رأى قول مالك في جواز القرض المؤجل لم يجز أن يقرض مال المفلس إلى أجل وجعله قرضا حالا حتى لا يدخله الأجل على مذهب أحد والله أعلم .
قال الماوردي : قد ذكرنا في أول الكتاب ما يستحق به حجر الفلس فإذا أراد الحاكم أن يحجر على رجل بالفلس فلا بد من أن يقول الحاكم قولا يقع به الحكم واختلف الأصحاب في اللفظ الذي يقع به الحجر فقال البغداديون : هو أن يقول الحاكم : قد وقفت