الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص295
الفلس ، ونص الشافعي في الزوجة إذا طلقت قبل الدخول – وقد تلف بعض الصداق في يدها – على قولين :
أحدهما : أن يرجع بما استحقه من نصف الصداق بما بقي منه – كما قال في المفلس .
والثاني : أنه يرجع بنصف الباقي وبنصف قيمة التالف – بخلاف ما قاله في المفلس – فاختلف أصحابنا : فكان بعضهم يخرج مسألة المفلس على قولين كالصداق .
أحدهما : يأخذ نصف العبد الباقي بنصف ما بقي له من الثمن وذلك خمسة وعشرون درهما ويضرب بما بقي منه وهو خمسة وعشرون درهما مع الغرماء ووجهه أن الخمسين المقبوضة هي من ثمن العبدين المبيعين جميعا بدليل أنه لو كان العبدان باقيين وقد قبض نصف الثمن لم يجز أن يرجع بأحد العبدين ويجعل المقبوض من ثمن أحدهما بل يرجع بنصف العبدين ويكون المقبوض من ثمنهما فإذا كان المقبوض – بدليل ما ذكرنا – من ثمنهما معا صار نصف الخمسين المقبوضة من ثمن العبد التالف ونصفها من ثمن العبد الباقي ونصف الخمسين الباقية من ثمن العبد التالف ونصفها من ثمن الباقي فوجب أن يرجع بنصف العبد الباقي لبقاء نصف ثمنه ولا يرجع بالنصف الباقي لقبض ثمنه .
والقول الثاني : وهو المنصوص عليه هاهنا – أن الباقي بجميع العبد الباقي بما بقي له من نصف الثمن ويكون نصف الثمن المقبوض من ثمن العبد التالف . ووجه ذلك شيئان :
أحدهما : أنه لما جاز أن يزيل جميع الثمن من الذمة إذا كان الجميع باقيا إلى جميع العين إذا كان جميعها باقيا جاز أن ينقل بعض الثمن من الذمة إذا كان بعضه باقيا إلى بعض العين إذا كان بعضها باقيا ليكون في الحالين واصلا إلى حقه بعين ماله ولا يمتنع أن يصير المقبوض من ثمن الجملة متحيزا في بعضها كما لو اشترى عبدين بمائة درهم فقبضهما ودفع من الثمن خمسين درهما فمات أحد العبدين ووجد بالباقي عيبا فرده صارت الخمسين المقبوضة ثمنا للتالف فلا يرجع بها والخمسين الباقية ثمنا للمردود غير مطالب بها وكذلك الفلس .
والثاني : أنه لما كان للبائع أن يتوصل إلى حقه باسترجاع العين كما كان للمرتهن أن يتوصل إلى حقه من الرهن ثم كان لو ارتهن عبدين بمائة فقبض منها تسعين ومات أحدهما كان العبد الباقي رهنا بالعشرة الباقية كذلك البائع يأخذ ما بقي من العين بما بقي من الثمن وهذه دلالة الشافعي . فاعترض المزني عليها وقال : ليس الرهن من البيع بسبيل ، لأن جميع الرهن وكل جزء منه مرهون بالحق وبكل جزء منه وليس جميع المبيع وكل جزء منه مبيعا بجميع الثمن وبكل جزء منه . وهذا الذي اعترض به المزني لا يقدح في دلالة الشافعي . لأن