پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص289

تسليم الثمرة إلى غرمائه لم يكن لهم أن يطالبوه بها لأنهم مقرون أنه لا يملكها وإن بذلها المفلس لهم وطالبهم بأخذها من ديونهم وجب عليهم أخذها لأنه قد حكم بأنها ملكه في الظاهر فكان له أن يبرئ ذمته من ديونهم بدفعها إليهم وقيل للغرماء : إما أن تأخذوا الثمرة من ديونكم أو تبرؤوه منها فإذا قسمت الثمرة بين الغرماء بقدر ديونهم لم يخل من أحد أمرين إما أن تقسم عين الثمرة عليهم أو ثمنها فإن قسمت الثمرة عليهم – لأنها كانت من جنس ديونهم – وجب عليهم إذا قبضوها من ديونهم أن يردوها على البائع لإقرارهم بأنه الثمرة ملك له ألا ترى أن من شهد على رجل بعتق عبده فردت شهادته ثم أن الشاهد اشترى العبد عتق عليه بسابق إقراره وإن كانت الثمرة بيعت وقسم فيهم ثمنها ففيه وجهان :

أحدهما : يلزمهم رد ثمنها على البائع صاحب النخل لأن الثمن بدل من الثمرة فكان حكمه كحكم الثمرة .

والوجه الثاني : أنه لا يلزمهم رد الثمن لأن البائع لا يملكه ولأن الثمرة إن كانت له فالبيع باطل والثمن مردود وإن لم يكن له فأولى أن لا يأخذ ثمن ما لا يملكه .

والحال الخامسة : أن يصدقه المفلس وبعض الغرماء ويكذبه باقي الغرماء فالقول قول المفلس في حصص الذين تابعوه في تصديق البائع وهل يقبل قوله في حصص الذين خالفوه وأكذبوا البائع على قولين مضيا ، فإن شهد عدلان من الغرماء الذين تابعوا المفلس في تصديق البائع حكم بشهادتهم إذا لم يقبل إقرار المفلس بها وإن قبل إقراره فلا معنى للشهادة .

والحال السادسة : أن يكذبه المفلس وبعض الغرماء ويصدقه الباقون من الغرماء فالقول قول المفلس في التكذيب مع يمينه لحدوث الثمرة على ملكه فإن كان ممن صدق البائع من الغرماء جائز الشهادة فشهدوا له بالثمرة قبلت شهادتهم وإن لم يكن فيهم من تجوز شهادته حلف المفلس وكانت الثمرة له يقسمها بين من تابعه في تكذيب البائع من غرمائه ولا حق فيها لمن صدق البائع منهم فإن قال المفلس أريد أن أقسم الثمرة بين جميع الغرماء بقسط ديونهم فهل يجبر من صدق البائع من الغرماء على قبول ذلك أم لا ؟ على وجهين :

أحدهما : يجبرون كما لو كان الكل مصدقين فما حصل مع الغرماء المكذبين للبائع ملكوه وما حصل مع الغرماء المصدقين للبائع ردوه عليه لاعترافهم بأنه ملك له .

والوجه الثاني : أن من صدق البائع من الغرماء لا يجبر على قبول الثمرة من دينه ، لأن المقصود من إجبارهم على قبول ذلك أن تبرأ ذمة المفلس من ديونه وذمته تبرأ من ديون المكذبين بدفع الثمرة إليهم فلا فرق بين أن تبرأ ذمة المفلس من جميع ديون بعض الغرماء وبين أن تبرأ من بعض ديون جميع الغرماء والله تعالى أعلم .