الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص276
الثمن للشفيع لا يسقط حقه من الشفعة كان بذل الغرماء الثمن للبائع لا يسقط حقه من استرجاع العين ، ولأن المال المبذول للبائع لا يخلو من أحد أمرين :
إما أن يكون للمفلس .
أو للغرماء فإن كان للمفلس لم يجز بذله لأنه لا يجوز أن يخص بعض الغرماء بالتوفير عليه دون بعض وأن البائع لا يأمن ظهور غريم لم يرض وإن كان المبذول من مال الغرماء لم يجبر على قبوله لأنه لا معاملة بينه وبينهم ، فأما الجواب عن استدلاله بزوال الضرر عنه فمن وجهين :
أحدهما : فساده ببذل أرش العيب .
والثاني : أن الضرر لم يزل لجواز حدوث غريم لم يرض ، وأما الجواب عن استدلاله بالرهن فهو أن تعلق حق المرتهن بالرهن على سبيل الاستيثاق لا على سبيل التمليك فإذا وصل إلى حقه من غير الرهن فقد حصل له الاستيثاق به وليس كذلك البائع لأن تعلق حقه بعين ماله على وجه التمليك له فلم يسقط ببذل الثمن ألا ترى أن المرتهن ليس له أخذ الرهن بحقه وللبائع أخذ العين بحقه وأما الجواب عن استدلاله بالإجارة : فهو أنه متى لم يكن الشيء المستأجر مشغولا بزرع للمفلس فللمؤجر فسخ الإجارة ولا يلزمه الإمساك ببذل الأجرة وإن كان مشغولا بزرعه واتفق الغرماء على بذل تسليم الأجرة فللمؤجر الفسخ وأخذ أجرة المثل ولا يسترجع الأرض قبل حصاد الزرع فقد فسخ الإجارة وإن لم يسترجع الأرض وإنما لم يجز أن يسترجعها إذا بذل له ثمن مثلها وجاز للبائع استرجاع العين وإن بذل له ثمن مثلها أن بذل الأجرة من استصلاح مال المفلس فيقع لازما لا خيار فيه لمن غاب من الغرماء كما يبذل من ماله أجور حفاظه وليس كذلك بذل ثمن المبيع لأنه لا يقع لازما ولا فيه استصلاح لباقي ماله . والله أعلم بالصواب .
قال الماوردي : وهذا فصل يجب تفصيله . وجملة ذلك أن السلعة المبيعة إذا تغيرت في يد المشتري لم يخل من أحد أمرين إما أن تتغير بنقص أو بزيادة فإن كان تغيرها بنقص فالنقص ضربان :
أحدهما : أن يكون نقصها متميزا .