الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص274
يريد : أن الرجل إذا وقف على أولاده فهلكوا في حياته كان الوقف راجعا إلى أقرب الناس بالواقف . ولا يرجع إلى الواقف لكن روى المزني : أنه يرجع إلى أقربهم فظاهر هذا استواء الأغنياء فيه والفقراء . وروى حرملة : أنه يرجع إلى الفقراء من قرابته . وليس ذلك على قولين كما وهم بعض أصحابنا فيه وأما الإطلاق في رواية المزني محمول على المقيد في رواية حرملة قال المزني : قد جعل لورثته ما لم يجعل له في حياته . فأجاب أصحابنا عن ذلك بجوابين :
أحدهما : وهو جواب أبي إسحاق المروزي : أن الواقف أخرج الوقف لله فلم يجز أن يعود إليه لهذا المعنى وهذا معدوم في قرابته .
والجواب الثاني : وهو جواب أبي علي بن أبي هريرة : أن رجوع الوقف إلى قرابة الواقف ليس بالإرث لأن الحي لا يورث ، ولأن الواقف لو ترك بنت بنت وعما رجع الوقف إلى بنت البنت وإن لم تكون وارثة لأنها أقرب ولم يرجع إلى العم وإن كان وارثا لأنه أبعد فإذا لم يرجع الوقف إليهم بالإرث لم يقوموا فيه مقامه فجاز أن يكون أقوى منه ومال المفلس إنما صار إلى ورثته بالموت فلم يجز أن يكونوا فيه أقوى منه فأما الجواب عما استدل به مالك من الخبر فهو أنه مرسل والاحتجاج به لا يلزم ، ولو التزمناه لكان محمولا على أحد وجهين :
إما أن يحمل على من مات موسرا .
وإما أن يحمل على البائع إذا لم يرد الرجوع بعين ماله ، وأما الجواب عن قولهم أنه قد انتقل بالموت إلى ملك وارثه فهو أن الملك انتقل بالموت إلى ملك الوارث على الوجه الذي كان على ملك المورث ، ألا ترى أنه لو مات عن شقص قد استحق بالشفعة كان الشقص منتقلا إلى الوارث مع ما قد تعلق به من استحقاق الشفعة كذلك مال المفلس قد انتقل إلى الوارث بما قد تعلق به من حق الاسترجاع ، وأما الجواب عن قولهم أن ديون الميت قد انتقلت بتلف الذمة إلى عين ماله فاستوى البائع وجميع الغرماء : فهو أن هذا غير صحيح ، لأنه لو تعلقت حقوقهم بعين ماله لما جاز للورثة أن يفضوا ديونهم من أموالهم على أننا لو سلمنا هذا لكانت متعلقة بما سوى الأعيان التي بيعت عليه لتعلق حقوق بائعها بها .
إما أن يكون بعد وقوع الحجر عليه بالفلس .
أو يكون قبل وقوع الحجر عليه بالفلس فإن كان موته بعد أن حجر الحاكم عليه بالفلس فالمقصود بالحجر عليه شيئين :