الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص261
والثاني : أن تكون في الذمة فإن كانت الإجارة معينة وهو أن يستأجر في عينه لبناء دار ، أو لعمل معلوم ، فلا يجوز أن يأخذ به رهنا ، لأن المستحق عليه من العمل تعين عليه لا يقوم غيره مقامه فيه ، وما يتعلق بالأعيان فلا يجوز أخذ الرهن كالعواري والغصوب فإن كانت الإجارة في الذمة ، وهو أن يستأجر منه في ذمته بناء دار أو عمل معلوم فلا يخلو ذلك من أحد أمرين ، إما أن يكون قد دفع الأجرة إليه أو لم يدفعها ، فإن كان لم يدفع إليه الأجرة لم يجز أن يأخذ منه رضا ، لأن الرهن وثيقة من الحق المستحق والعمل قبل دفع الأجرة غير مستحق ، فإن كان قد دفع الأجرة إليه ففي جواز أخذ الرهن في العمل وجهان :
أحدهما : لا يجوز أخذ الرهن فيه ، لأن استيفاء العمل من الرهن غير ممكن .
والوجه الثاني : أن أخذ الرهن فيه جائز ، لأنه حق مستقر في الذمة له قيمة يمكن استيفاؤها من الرهن فجاز فيه كالدين .
فرع : ولو ضمنها بشرط أن يعطيه بها رهنا مثل أن يقول ضمنت لك عن فلان ألفا على أنني أعطيك بها رهنا كان في صحة الضمان وجهان :
أحدهما : أنه صحيح ؛ لأنه رهن شرط مع وجوب الحق كالبيع ، فعلى هذا الضامن بالخيار بين إقباض الرهن ومنعه .
والوجه الثاني : الضمان فاسد ، لأنه وثيقة فإذا شرط فيه الاستيثاق بالرهن صارت وثيقة الضمان واهية فبطلت والله أعلم .
فرع : فلو أعطاه رهن بألف على أن يضمن الألف فلان كان في صحة الرهن وجهان كما ذكرناه في الضمان [ لأن شرط الضمان في الرهن كشرط الرهن في الضمان ] أحد الوجهين : أن الرهن صحيح ، والمشروط ضمانه بالخيار بين أن يضمن أو يمتنع .
والوجه الثاني : أن الرهن فاسد لوهاء الاستيثاق به عند شرط الضمان فيه .
فرع : ولو كانت عليه ألف فأعطاه بها رهنا وأقام له بها ضامنا جاز ، لأن الرهن وثيقة ، والضمان وثيقة ، فلم يمتنع اجتماعهما من حق واحد كاجتماع الشهادة والضمان ، فإذا حل الحق ففيه قولان حكاهما أبو حامد في جامعه أحدهما أن لصاحب الحق مطالبة الضامن به ،