الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص258
أحدهما : أنه مقبوض لا يوجبه ضمان بعضه ، فوجب أن لا يجب ضمان جميعه كالودائع ، والشيء المستأجر .
والثاني : أنه مرهون فوجب أن يكون بالعقد غير مضمون كالزيادة على الحق ، ولأن الرهن وثيقة لمن له الحق ، فلو كان مضمونا بالحق لكان وثيقة على من له الحق ، وفي ذلك إبطال لمعنى الرهن ، وهذا استدلال الشافعي .
فأما الجواب عن قول النبي ( ص ) لمرتهن الفرس ‘ ذهب حقك ‘ فراويه مصعب بن ثابت وهو ضعيف ، ثم هو مرسل ؛ لأنه عن عطاء والمراسيل عندنا لا يجب بها العمل ، ثم هو مرسل لأنه عن عطاء ثم هي قضية في عين يجوز أن تكون على وجه التعدي ، فلزم فيه الضمان على أنه لو خلا من هذه الأمور المانعة من وجوب العمل به وجاء مجيئا يلزم الآخذ به لكان عن قوله ‘ ذهب حقك ‘ جوابان :
أحدهما : المراد به حق الوثيقة ، وسقوط حقه من الدين سقط لحقه من الوثيقة ، وليس سقوط حقه من الوثيقة مسقط لحقه من الدين ، فلو كان أراد به ذهاب حقه من الدين لقال ذهب حقك ، فلما قال : ‘ ذهب حقك ‘ وأشار إلى حق واحد علم أنه أراد حق الوثيقة دون الدين .
والجواب الثاني : أن قوله ذهب حقك ، محمول على ذهاب حقه من فسخ البيع ؛ لأنه لو تلف قبل القبض لكان يستحق فسخ البيع فإذا تلف بعد القبض كان في الجائز أن يستحق فسخ البيع فأذهب النبي ( ص ) حقه في الفسخ بعد القبض .
وأما الجواب عما روي من قوله ‘ الرهن بما فيه ‘ إن صح محمول على أنه وثيقة بما فيه فلا يجوز حمله على أنه مضمون بما فيه لأمرين :
أحدهما : أنه زيادة لضمان لا يقتضيه اللفظ .
والثاني : أنه جعل الرهن بما فيه مع بقائه ، وهو على بقائه غير مضمون على مرتهنه حين يتلف ، وإنما هو مع بقائه وثيقة بما فيه فلم تصح الدلالة منه .
فأما الجواب عن قياسهم على تلف العبد الجاني فالمعنى في العبد الجاني أن الأرش تعلق بمحل واحد وهو رقبة الجاني فإذا تلف العبد بذل الأرش كتلف محله ، وحق المرتهن متعلق بمحلين
أحدهما : ذمة الراهن .
والثاني : رقبة الرهن .