پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص257

صاحبه ، ولا يصح حمله على أنه من ملك صاحبه ، لأن حرف التمليك هو اللام فلو أراد الملك لقال الرهن لصاحبه ولفظة ‘ من ‘ مستعملة في الضمان ، لأنه يقال : هذا من ضمان فلان فلما قال : ‘ من صاحبه ‘ علم أنه أراد من ضمان صاحبه والدلالة الثالثة من الخبر قوله ‘ له غنمه وعليه غرمه ‘ قال الشافعي رضي الله عنه : غنمه زيادة ونماؤه وغرمه عطبه ونقصه .

فإن قيل : الغرم في اللسان هو التزام البدل عن الشيء عن تلفه ولا ينطلق اسم الغرم على من تلف الشيء من ماله .

قيل : قد ينطلق اسم الغرم على الأمرين معا على أنه قد يصير غارما للحق ، ثم من الدليل أيضا قول الله تعالى : ( ولم تجدوا كاتبا فرهن مقبوضة ) [ البقرة : 282 ] فجعل الله تعالى الرهن بدل من الكتاب والإبدال في عام أحكامها وفي حكم مبدلاتها ، كالصيام في الكفارة لما كان بدلا من العتق كان في الوجوب كالعتق ، وكالتيمم في الطهارة لما كان بدلا من الماء كان في الوجوب كالطهارة بالماء ، وإذا وجب أن يكون حكم البدل حكم المبدل بدليل ما ذكرنا من الشاهد ، وجب أن يكون حكم الرهن حكم الكتاب فلما كان تلف الكتاب لا يوجب سقوط الحق ، وجب أن يكون تلف الرهن لا يوجب سقوط الحق ، ولأن الرهن وثيقة كالضمان ثم ثبت أن الحق لا يسقط بتلف الضامن وجب أن لا يسقط بتلف الرهن .

وتحريره علة أنه وثيقة في الحق فوجب أن لا يكون تلفه مسقطا للحق كالضمان ، ولأن فاسد كل عقد مردود إلى صحيحه في وجوب الضمان وسقوطه ، ألا ترى أن البيع لما كان فاسده مضمونا كان صحيحه مضمونا ، والشركة والمضاربات لما كان صحيحها غير مضمون كان فاسدها غير مضمون ثم ثبت أن الرهن الفاسد غير مضمون فوجب أن يكون الرهن الصحيح غير مضمون .

وتحريره علة أنه عقد فاسد غير مضمون فوجب أن يكون صحيحه غير مضمون كالشركة والمضاربات ، ولأن الرهن قد يبطل بتلفه كما يبطل بفسخه ثم ثبت أن بطلانه بالفسخ لا يوجب سقوط الحق فوجب أن يكون بطلانه بالتلف لا يوجب سقوط الحق .

وتحريره أنه معنى يبطل الرهن فوجب أن لا يسقط الحق كالفسخ ، ولأن الأصول موضوعة على أن كل شيء كان بعضه غير مضمون كان جميعه غير مضمون كالودائع والشيء المستأجر ، وكل شيء كان بعضه مضمونا كان جميعه مضمونا كالبيوع والغصوب ، فلما كان كان بعض الرهن غير مضمون وهو ما زاد على قدر الحق وجب أن يكون جميعه غير مضمون بالحق .

وقد يتحرر من هذا الاستدلال قياسان :