الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص238
كان الرهن باطلا ، فإن كان بعد القبض فعلى قولين ، والفرق بينهما : أن القبض في الرهن شرط في تمامه ، وفي البيع حق من أحكامه .
أحدهما : أن الرهن قد بطل حين اختلاطه ويجري مجرى تلف الرهن فيكون قاطعا لتمامه واستدامته ، ولا يكون رافعا من أصله ، فعلى هذا لا خيار للمرتهن في فسخ البيع ، كما لا يستحق بتلف الرهن بعد القبض الخيار في فسخ البيع .
والوجه الثاني : أن الرهن باطل من وقت العقد ، ويكون حدوث الاختلاط وإلا على الجهالة به حين العقد ، فيصير رافعا له من أصله ، وقد أشار إليه أبو علي بن أبي هريرة ، فعلى هذا إذا كان مشروطا في بيع ففي بطلان البيع قولان :
أحدها : أنه باطل .
والثاني : جائز وللبائع الخيار بين إمضاء البيع بالرهن وبين فسخه ، وإذا قلنا بجواز الرهن فلا يخلو حال الراهن من الثمرة الحادثة من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يرهنه إياها .
والثاني : أن لا يسامحه .
والثالث : أن لا يفعل أحدهما ولكن يريد أخذها .
فأما القسم الأول : وهو أن يرهنه إياها فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يعلما قدرها أو يتفقا على قدرها ، فرهنها جائز سواء رهنها في الحق الأول أو في غيره ، فإن كان في الحق الأول صار مدخلا رهنا ثانيا على رهن أول في حق واحد ، وذلك جائز ، فيكون جميع الثمرة المتقدمة منها والحادثة رهنا في حق واحد ، وإن رهنها في حق ثان صارت الثمرة رهنين في وقتين مختلفين ، وكل واحد من الرهنين مبتاع في الرهن الآخر ، فيكون بقدر الثمرة الأولى الذي قد علماه ، أو اتفقا عليه من نصف أو ثلث رهنا في الحق الأول ، والثمرة الحادثة التي قد علماها أو اتفقا عليها من ثلث أو ثلثين رهنا مساغا في الحق الثاني .
والضرب الثاني : أن لا يعلما قدر الثمرة الحادثة ولا يتفقا عليها ، وإن رهنها في غير الحق الأول كان رهنا باطلا ؛ لأنه رهن مجهول القدر ، وإن رهنها في الحق الأول فعلى وجهين :