الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص228
والثالث : يكون رهنا بيد المقر له بالتقدم ، ويغرم للراهن قيمته تكون رهنا بيد الآخر ، وهذا حكم القسم الأول في كون العبد بيد الراهن ، وأما القسم الثاني : وهو أن يكون العبد بيد أحد المرتهنين ، وهذا على ضربين :
أحدها : أن يكون قد أقر بالتقدم لمن هو في يده ، فالقول قوله وهل عليه اليمين أم لا ؟ على قولين ثم على ما مضى .
والضرب الثاني : أن يكون قد أقر بالتقدم والسبق لمن ليس العبد بيده ، ففيه قولان منصوصان :
أحدهما : أن القول قول صاحب اليد دون المرتهن ، ووجهه أن في اليد ينافي التداعي ، ألا ترى لو تداعيا عبد بعبد مبيعا لا رهنا وكان العبد في يد أحدهما فصدقهما على البيع وأقر بالتقدم والسبق لغير صاحب اليد لم يقبل إقراره ، وكان القول قول صاحب اليد كذلك في الرهن ، فعلى هذا يكون القول قوله مع يمينه ، فإن حلف كان العبد رهنا بيده ، وإن نكل كان العبد رهنا بيد المقر له بالتقدم من غير أن ترد عليه اليمين ؛ لأن ارتهانه من صاحب اليد قد بطل بنكوله ومع هذا الإقرار لم يحتج إلى يمين .
والقول الثاني : وهو الصحيح أن القول قول الراهن دون صاحب اليد ، ووجهه أن اليد في الرهن ليست بيانا لصحة الدعوى ألا ترى لو أنكر الرهن وكان في يده لم تكن يده دليلا على صحة دعواه ، وكذلك إذا اعترف أن رهنه بعد الأول رهنا فاسدا ، كما لو أنكره ولم تكن يده دليلا على صحة دعواه ، ويفارق البيع من وجهين :
أحدهما : أن البيع ينقل الملك ، واليد تدل على الملك ، وليس كذلك الرهن .
والثاني : أن البيع قد أزال ملك البائع فصار مقرا في غير ماله فلم يقبل إقراره على صاحب اليد ، والرهن لم يزل ملك الراهن وكان مقرا في ملكه ، وكان إقراره نافذا على صاحب اليد ، فعلى هذا القول قول الراهن وهل عليه اليمين أم لا على ما ذكرنا من القولين ثم على ما مضى حلفه ونكوله ، وهذا حكم القسم الثاني في كون العبد في يد أحد المرتهنين .
وأما القسم الثالث : وهو أن يكون العبد في يد المرتهنين جميعا . فمنصوص الشافعي أن القول قول الراهنين في جميع العبد ويكون العبد كله رهنا في يد المقر له ، وهل على الراهن اليمين أم لا ؟ على ما ذكرنا من القولين ، وقال أبو علي بن أبي هريرة يكون القول قول الراهن في نصف العبد وهو الذي في يد المقر له ، وفي النصف الآخر الذي في يد المرتهن