پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص226

اختلاف قوليه فيمن أقر في دار بيده لزيد ثم أقر بها لعمرو ، وهل يغرم قيمتها لعمرو أم لا ؟ على قولين خرج منهما هذان الوجهان :

أحدهما : عليه غرم قيمة العبد يكون رهنا بيد الثاني لتفويته الرهن عليه بإقراره المتقدم .

والوجه الثاني : وهو أصح في هذا الموضع : أنه لا غرم عليه ، لأنه قد أقر بما لزمه ولم يتلف عليه مالا فيلزمه غرمه ، وهذا إن نكل واعترف ، فأما إن نكل ولم يعترف فإن اليمين ترد على المكذب فإن نكل عنها كان العبد رهنا بيد المصدق ولا شيء للمكذب وإن حلف المكذب ردت اليمين عليه وكانت يمينه بعد نكول الراهن عنها بمنزلة إقراره للأول فاستويا ، وإذا كان كذلك فقد حكاهم ابن أبي هريرة فيه ثلاثة أوجه :

أحدها : أن الرهن منسوخ ، لأن جميعه لا يصح أن يكون مرهونا عند كل واحد منهما .

والوجه الثاني : أن العبد يجعل رهنا بينهما نصفين ، لأنهما فيه متساويان .

والوجه الثالث : أن العبد رهن للأول لما تقدم من إقراره ، وعليه أن يغرم قيمته وتكون رهنا بيد الثاني لأجل اعترافه ، فهذا الحكم فيه إذا لم يكن للمكذب بينة ، فأما إن كانت للمكذب بينة تشهد له فلا يخلو حال المصدق من أحد أمرين :

إما أن يكون له بينة تعارض بينة المكذب ، أو لا تكون له بينة فإن لم تكن له بينة حكم للمكذب ببينته ، وكان العبد رهنا بيد المكذب دون المصدق ، لأن البينة أولى من الإقرار وإن كان للمصدق بينة سمعت لا على الراهن ؛ لأنه مقر والمقر لا تسمع عليه البينة بإقراره ، ولكن تسمع في معارضة بينة المكذب ، فإذا تعارضت قوى المصدق بالإقرار له فحكم له لقوله ، وسقطت البينتان لتعارضهما ، وكان العبد رهنا بيد المصدق ، وهذا حكم القسم الثاني في تصديق أحدهما ويكذب الآخر .

( فصل )

فأما القسم الثالث : وهو أن يصدقهما معا ، فيقول قد رهنته من كل واحد منكما وأقبضته ، فمعلوم أن ذلك غير ممكن ، إلا أن يتقدم أحدهما على الآخر ، والمتقدم منهما أحق برهنه من المتأخر ، وإذا كان كذلك لم يخل حال الراهن من أحد أمرين : إما أن يعلم المتقدم منهما أو لا يعلم ، فإن قال كنت علمت المتقدم فيهما فالقول قوله مع يمينه ما لم يكن لواحد من المرتهنين بينة ، وإنما لزمه اليمين قولا واحدا ؛ لأنه لو رجع عنهما وعن الأول منها قبل منه فلذلك لزمته اليمين ، وإذا كانت اليمين لازمة له لم يخل من أحد أمرين : إما أن يحلف أو ينكل ، فإن حلف فمذهب الشافعي أن الرهن مقسوم وسواء كان الرهن في يده أو