الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص225
واختلف أصحابنا في تخريج القول الثالث في هذا الموضع ، وهو استعمال البينتين ، وجعل العبد بينهما نصفين على وجهين وهذا حكم البينة ، فأما إن لم يكن هناك بينة فالقول قول المالك مع يمينه بالله ما رهنه من واحد منهما ، فإن حلف فالعبد غير مرهون عن واحد منهما ، وإن نكل فاليمين على المدعيين ، فإذا ردت عليهما لم يخل من ثلاثة أحوال :
إما أن يحلفا معا ، أو ينكلا معا ، أو يحلف أحدهما وينكل الآخر ، فإن حلفا ففيه وجهان : أصحهما لا يكون رهنا عند واحد منهما ، لأن يمين كل واحد منهما تعارض يمين صاحبه .
والثاني : أن يكون العبد رهنا بينهما .
وإن نكلا لم يكن العبد رهنا عند واحد منها .
فإن حلف أحدهما ونكل الآخر قضي به رهنا للحالف دون الناكل ، فهذا حكم القسم الأول في تكذيبه لهما .
إما أن يكون له بينة ، أو لا يكون له بينة .
فإن لم يكن له بينة فالقول قول الراهن المقر من كون العبد رهنا عند المصدق وهل عليه اليمين أم لا ؟ على قولين ، المنصوص منها في هذا الموضع أنه لا يمين عليه ؛ لأن اليمين تجب زجرا للمستحلف ليرجع عنها فيحكم برجوعه ، وهذا الراهن لو رجع عن إقراره لم يحكم برجوعه ، فلم يكن لوجوب اليمين عليه فيه وجه .
والقول الثاني : وهو مخرج من قوله في الإملاء في الزوجة إذا أنكحها الوليان وصدقت أحد الزوجين أن عليها اليمين في أحد القولين ، وفي الراهن إذا أقر بجناية عبده المرهون وقبل قوله أن عليه اليمين وإن لم يقبل رجوعه ، ووجه وجوب اليمين عليه أنه قد يستفاد بها إن نكل أن ترد على المكذب فيستحق بها إن حلف ما سنذكره ، وإذا ثبت هذان القولان في وجوب اليمين عليه ، فإن قلنا : لا يمين عليه أو عليه اليمين فحلف كان العبد رهنا في يد المصدق ، وإن قلنا عليه اليمين فنكل عنها لم يخل حاله من أحد أمرين :
إما أن ينكل عن اليمين ويعترف للمكذب ، أو ينكل عنها ولا يعترف للمكذب ، فإن نكل عنها واعترف للمكذب لم ترد اليمين على المكذب ، لحدوث الاعتراف له ، ويصير الراهن بهذا الاعتراف راجعا عن الأول مقر للثاني فلم يقبل رجوعه عن الأول ، وكان العبد رهنا بيده لما تقدم من إقراره وهل يغرم قيمة الرهن للثاني أم لا ؟ على وجهين مخرجين من